جريدة تحيا مصر

اخر الأخبار
ads

ثقافة

الإمام «ابن تيمية» و755 عاما من الخلاف والجدل

الأربعاء 24/يناير/2018 - 12:03 م
تحيا مصر
طباعة
أحمد محمد حسن
الناصريون اليوم أشد ناصرية من عبد الناصر، ولربما لو كان حيا بيننا لتغيرت أفكاره وتطورت، وكان أشد مرونة من الناصريين أنفسهم.

وربما أيضا لو كان علي بن أبي طالب حيا بيننا لما كان شيعيا، فدومًا تُحرف الأفكار وتنحرف عن سياقها، وتتغير المجتمعات ولا تعد صالحةً لأفكارٍ كانت صالحة حينما كان المفكر الأول موجودًا، ولا نستطيع الحكم على شخصٍ من أتباعه، فكم من صالحٍ تبعه فاسدون وكم من فاسق أوّل كلماته الصالحون وجعلوه فوق الأعناق.

وتحل اليوم ذكرى ميلاد الإمام "ابن تيمية" الـ 755، ولا زال ذكره إلى اليوم محل خلاف وجدل فكري بين من يرفعه على الأعناق ويجعل منه قديسًا لا يُخطئ ولا بد من تنفيذ كلماته حرفيا، ومن يجعله سببا لكل فساد، وشماعة الإرهاب الفكري، والغول الذي يطل علينا بأفكاره من العام 1263 م؛ ليبث أفكاره في عقول شباب 2018، وبين مُغالٍ في السخط ومغالٍ في التعظيم، تضيع دومًا الحقيقة، فمن هو ابن تيمية حقا؟

هو تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام النميري الحراني، ولد في 22 يناير 1263، بـحران الواقعة الآن جنوب شرق تركيا، ولكن سرعان ما تركها لاجئًا إلى دمشق، لأن التتار أغاروا عليها، وتعلم هناك على أيدي كبار العلماء، وجاء إلى مصر مراتٍ عدة بين مُرحب به ومسجون على حسب أهواء من يحكم آنذاك، له عدة أفكار وفتاوى لم يبنها من بحثه في الدين فحسب، بل من بحثه في المجتمع الإسلامي سياسيا واجتماعيا في ذلك الوقت.

كان أبرز مشاهد عصره السياسية غزو التتار للعالم الإسلامي، وتلك الوحشية التي تبعت هذا الغزو، وما آلت إليه الدولة من ضعف بعدها، بالإضافة إلى هجوم الصليبيين، ناهيك عن الفتنة الداخلية بين المسلمين أنفسهم، ومن أبرز المشاهد الاجتماعية في عصره اختلاط الأجناس العربية والأعجمية في الدولة الإسلامية، وأسرى الحرب وامتزاج أهل المجتمعات المختلفة في نسيج الدولة الإسلامية، وكل هذه العوامل لا بد أن تؤخذ في الحسبان عند تقييم فكر ابن تيمية.

ولما كان ابن تيمية من الشخصيات المختلف عليها وعلى فكرها، فقد كُتبت عنه مئات الكتب، وقيلت عنه كل المحاسن والمفاسد، بين عالمٍ جليل وشيخ الإسلام ومنقذ الملة، إلى الراعي الأول للإرهاب والمتشدد الذي بث أفكاره ليصنع الإرهاب ويقود أفكار الإرهابيين والمتشددين، فقال عنه الحافظ ابن رجب الحنبلي المتوفي عام 795هـ: "وأما تصانيفه -رحمه الله- فهي أشهر من أن تذكر، وأعرف من أن تُنْكَر، سارت سير الشمس في الأقطار، وامتلأت بها البلاد والأمصار، قد جاوزت حدّ الكثرة فلا يمكن أحد حصرها، ولا يتسع هذا المكان لعدّ المعروف منها ولا ذكرها".
كما قُرِض فيه الشعر، إذ يقول أحد تابعيه عنه:
ماذا يقول الواصفون له *** وصفاته جلّت عن الحصر
هو حـجــــــة لله قاهرة *** هو بيننا أعجوبة الدهر
هو آية للخلق ظاهرة *** أنوارها أربت على الفجر
وعلى صعيدٍ آخر يقول عنه يقول عنه الدكتور مراد وهبة، أستاذ الفلسفة في جامعة عين شمس رئيس جمعية ابن رشد الدولية للتنوير ومؤسسها، في ندوة أُقيمت في المجلس الأعلى للثقافة داخل صالون بن رشد الأدبي بمناسبة ذكرى ميلاده: "إن ابن تيمية كان من ضمن أسباب تكفير الفيلسوف ابن رشد؛ لأنه رأى أن التأويل في النصوص الدينية بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، على عكس رؤية الذي كان يرى وجوب تحكيم العقل في التفسير الباطني للنصوص الدينية، وإن فكره كان سببًا في ظهور الوهابية في القرن الثامن عشر، وتأسيس جماعة الإخوان المسلمين في القرن العشرين، وإنه هو المحرك الرئيسي للفكر الإسلامي".

بينما يقول الكاتب والسينارست وحيد حامد في تصريحات خاصة لـ«فيتو» في ذكرى ابن تيمية وعلاقته بالإرهاب الفكري: "المشكلة ليست في ابن تيمية نفسه، فهناك كتاب للأستاذ عبد الرحمن الشرقاوي كتبه عن ابن تيمية، عنوان الكتاب "ابن تيمية الفقيه المعذب" من أتوا بعد ابن تيمية فسروا كلامه بطريقة خاطئة، وقرءوه خطأ وفرضوا علينا هذا الخطأ، ولم يقدروا الظروف التي كان يحيا فيها ابن تيمية، فهو كان في الوقت الذي كان فيه التتار، فقد كنا في حالة حرب، فالرجل -كفقيه- الأحكام التي أصدرها والفتاوى التي أطلقها كانت في ظرف فيه عدو ويحتاج شيئا من الشدة".

وبين ناقد ومؤيد ومحايد يبقى ابن تيمية مادة خاما للنقاش والبحث، فينصفه من ينصفه ويدينه من يدينه، ولكن لن يقلل هذا من كونه أحد أيقونات الفكر الإسلامي، وأنه من الموضوعات المثيرة للجدل عبر العصور، سواء بفكره أو بفكر من تبعوه.

إرسل لصديق

ads

تصويت

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر