جريدة تحيا مصر

اخر الأخبار
ads

عربي وعالمي

أوزبكستان وعودة الروح لصندوق بحر آرال

الأحد 25/سبتمبر/2016 - 04:45 م
تحيا مصر
طباعة
أبوبكر أبوالمجد
ربما لم يسمع كثير من شعوبنا العربية والإسلامية عن بحر آرال هذا، ولكن لمن يهتم، فإنها كارثة إنسانية كانت إحدى أسوأ ما فعل البشر بالطبيعة.
فتمثل مأساة بحر آرال واحدة من أكبر الكوارث البيئية العالمية التى مرت بها الدول فى التاريخ الحديث ويتعرض لها أكثر من ستين مليون شخصا فى آسيا الوسطى، والتى تُشكل وفقا لآثارها المناخية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، تهديدا مباشرا للتنمية المستدامة في المنطقة، وللصحة، والجينات الوراثية ومستقبل البشر الذين يعيشون هناك.
ويرجع سبب الكارثة إلى الخطة السوفيتية خلال الستينات وحتى الثمانينات المتعلقة لجعل منطقة آسيا الوسطى الأولى في إنتاج القطن.
الحكاية باختصار
تعرض بحر آرال في آسيا الوسطى للجفاف من خلال الممارسات غير المسئولة للسوفييت، وأصبح جفاف هذا البحر أكبر الكوارث التي تسبب بها الإنسان.
فمن أجل زيادة انتاج القطن إبان الحقبة السوفيتية، طُبقت خطط صارمة لري الحقول، ما أدى إلى جفاف 90% من بحر آرال، الذي كان يعد أكبر رابع حوض مائي في العالم.
وتنتشر الآن بقايا صدئة لقوارب كانت يوما غارقة في قاع البحر، الذي أصبح اليوم صحراء.
وتبخر البحر الذي كانت مساحته نحو 6 آلاف كيلومتر مربع وبعمق 40 مترا، ولم يبق منه اليوم سوى 10% من تلك المساحة.
وكان هناك نهران يصبان في البحر، الأول نهر سر داريا من الشمال.
أما النهر الآخر فكان آمو داريا من الجنوب.
لكن السوفيت حولوا مسار النهرين لري حقول القطن، وأرادوا حينها تحويل منطقة آسيا الوسطى إلى أكبر منتج للقطن في العالم، ونجحوا في ذلك خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي عندما تصدرت أوزبكستان إنتاج القطن عالميًا.
ومع مرور الوقت وتقلص مساحة البحر، تركزت نسبة المبيدات الحشرية والمواد الكيميائية التي تصل إليه، ما أدى إلى نفوق الحياة البحرية والأسماك.
واليوم بقيت أجزاء من البحر محتفظة بالمياه، إحداها تسمى ببحر آرال الصغير، وتقع في الجزء الشمالي من بحر آرال الأصلي، ويحبس المياه فيها سد إسمه "كاكارال"، وسمح هذا السد برفع مستوى الماء إلى 3 أمتار من أدنى نقطة سجلت لارتفاع المياه في عام 2005، ما أرجع الحياة إلى قاع البحر.
إلا أن بحر "آرال الصغير" يشكل 5% فقط من مساحة البحر الأصلي، ما يعني أن انتاج الأسماك فيه لن يكون غزيرا كما كان.
لكن البعض يراودهم الأمل في أن يرجع بحر آرال إلى ما كان عليه في يوم من الأيام، ولو بعد عشرات السنين.

بلدان آسيا الوسطى والكارثة

منذ عام 1990، تتخذ بلدان آسيا الوسطى التدابير للتغلب على آثار هذه الكارثة البيئية.
وقد مثل معلما تاريخيا في هذا الاتجاه إنشاء الصندوق الدولى لإنقاذ بحر آرال، والذى أسسه رؤساء الدول الخمس فى المنطقة عام 1993، ويهدف إلى تنفيذ الإجراءات والبرامج المشتركة للحد من الآثار السلبية للأزمة إلى أقصى مدى، وتحسين الوضع البيئى والاجتماعى والاقتصادى فى حوض البحر.
ويتيح عمل الصندوق الفرصة لجذب انتباه المجتمع الدولي نحو ضرورة اتخاذ التدابير المطلوبة فى الوقت المناسب، التى تستهدف التخفيف من آثار الكارثة البيئية الناجمة عن جفاف بحر آرال، وكذلك تنسيق الجهود المشتركة للدول على المستويين الإقليمى والدولى.

رئاسة أوزبكستان لصندوق إنقاذ "آرال"

تترأس أوزبكستان الصندوق الدولى لإنقاذ بحر آرال منذ أغسطس لعام 2013. ووفقا لقرار رئيس الصندوق، ورئيس جمهورية أوزبكستان، فإن اللجنة التنفيذية للصندوق الدولى لإنقاذ بحر آرال تمارس عملها من طشقند.

وخلال فترة رئاسة أوزبكستان للصندوق (2013-2016) جرى تفعيل البرنامج الثالث للعمل، والخاص بتقديم المساعدات إلى بلدان حوض بحر آرال، والإشراف على خطوات تنفيذه من قبل اللجنة التنفيذية للصندوق الدولى لإنقاذ بحر آرال بالاشتراك مع الأفرع التابعة له، والدول المؤسسة للصندوق، والمؤسسات والهيئات الإقليمية والدولية.

وقد كشفت نتائج هذه الدراسة عن الزيادة الكبيرة فى التدفقات المالية مقارنة بالبرنامجين السابقين (البرنامج الأول لتقديم المساعدات إلى بلدان حوض بحر آرال، والبرنامج الثانى لتقديم المساعدات إلى بلدان حوض بحر آرال) وذلك ليس فقط من جانب المشاركين فى الصندوق، ولكن أيضا من قبل المنظمات الدولية والجهات المانحة.

وتأكيدا لهذا الأمر – فمن ضمن تسعين مشروعا إقليميا بقيمة 386.2 مليون دولار، تم تنفيذ ستين مشروعا بقيمة مشروعا بقيمة 68.86 مليون دولار، ومن المنتظر التنفيذ فى وقت قريب لخمسة عشر مشروعا بقيمة 238.25 مليون دولار. ومن عدد 501 من المشاريع الوطنية بقيمة تبلغ 15.04 مليار دولار، تم تنفذ 295 مشروعا بقيمة 6.05 مليار دولار، و125 مشروعا فى مرحلة التنفيذ بقيمة 7.3 مليار دولار؛ و81 مشروعا ينتظر البدء فى تنفيذها بقيمة 1.7 مليار دولار.


وإجمالا، فإن هذه المشاريع تصب نحو البناء والإعمار للمرافق الطبية، والتعليمية العامة والرياضية، والمنازل السكنية فى المناطق الريفية، والطرق وخطوط السكك الحديدية والجسور، وخطوط الكهرباء وشبكات الرى والمنشآت المائية الأخرى، وتحسين استصلاح الأراضى، وتطبيق أسس الإدارة المتكاملة للموارد المائية والتكنولوجيا الحديثة للحفاظ على المياه، وتزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب، وزراعة الغابات فى الجزء السفلى المتصحر من بحر آرال والتضاريس الجبلية، وإنشاء خزانات المياه المحلية، وتطوير القاعدة القانونية والنظم المؤسسية.


وهكذا، فخلال السنوات الأخيرة وبهدف تحسين الظروف الاجتماعية والمعيشية للسكان المقيمين فى المنطاق الريفية، تم بناء 29510 من البيوت السكنية، وانجاز الأعمال الخاصة بتشييد وترميم 67 مدرسة في 8316 من مختلف الأماكن، وذلك بقيمة إجمالية بلغت 589.3 مليون دولار، وبناء وترميم وتجهيز 3137 من المستشفيات والمؤسسات الطبية العامة الحضرية وفى الأحياء، بسعة 1400 سريرا، وبقيمة بلغت 510.26 مليون دولار.


بالإضافة إلى ذلك، ففى 86 من المدن والأحياء، وفى أكثر من 2000 من البلدات الريفية، التي يعيش بها حوالى 9.2 مليون نسمة، جرى تنفيذ مختلف الأعمال بقيمة بلغت 267.9 مليون دولار فى مجالات البناء والتعمير والتوسع فى نظم إمدادات المياه وغيرها من المرافق العامة الأخرى.


وقد تم بناء وتجديد أكثر من 7.8 ألف كيلو متر من القنوات وشبكات المياه والصرف الصحى المشتركة بين المزارع، وبناء وتجديد الخزانات الرئيسة، ومحطات المياه و16 من المنشآت المائية، و797 من منشآت الصرف الرأسى و1417 من آبار الرصد.


وبالتوازى مع هذا، فقد تم تحسين البنية التحتية للنقل من خلال بناء 341.5 كيلو مترا من خطوط السكك الحديدية، و15 محطة وتشييد 59 جسرا. كما جرى تشييد وتجديد وتوسيع 42 من طرق السيارات الرئيسية بقيمة بلغت حوالى 5،030 مليون دولار.


من أجل مكافحة التصحر وتدهور الأراضى، والحفاظ على الغابات وتعزيز الغطاء النباتى، تم غرس الأشجار والتشجير فى مساحة 125.6 ألف هكتار بقيمة إجمالية بلغت 14.7 مليون دولار، وتعزيز مقاومة انخفاض الاحتياطى الحيوى للدولة عند أسفل نهر أمودارى (بقيمة بلغت 9.05 مليون دولار).


عبر الحديث من فوق المنصات العالية، أكدت أوزبكستان على أهمية اتخاذ التدابير الفعالة للقضاء على الآثار الناجمة عن كارثة بحر آرال، والتى تجاوزت منذ فترة طويلة الحدود حتى طالت الأقاليم الأخرى.

وفى الجلسة 48 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة فى 28 سبتمبر لعام 1993، كان الرئيس الراحل إسلام كريموف أول من لفت انتباه المجتمع الدولي إلى قضية بحر آرال. وفى قمة الألفية للأمم المتحدة في نيويورك، المنعقدة فى 8 سبتمبر لعام 2000، تقدم زعيم واول رئيس أوزبكستان بمبادرة لتأسيس المجلس المختص بقضايا بحر آرال ومنطقة بحر آرال، وذلك تحت رعاية برنامج الأمم المتحدة للبيئة المحيطة.

وبمبادرة من أول رئيس أوزبكي، تم إعداد برنامج لحزمة من التدابير للقضاء على الآثار المترتبة على جفاف بحر آرال، ومنع كوارث الخلل القائم فى النظام البيئى فى منطقة بحر آرال، وتم تعميم البرنامج باعتباره وثيقة رسمية فى 16 سبتمبر لعام 2013، وذلك فى الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة وبدعم كامل من الأمين العام للمنظمة بان كى مون.


ومن أجل التطوير المستمر للتعاون الدولى وحشد الموارد من الجهات المانحة، ولتنفيذ الإجراءات العملية التي تهدف إلى تحسين الوضع في منطقة بحر آرال، واستنادا إلى مبادرة أوزبكستان المقدمة فى 28-29 أكتوبر لعام 2014، استضافت أورجينتش المؤتمر الدولى المقام حول موضوع: "تطوير التعاون فى منطقة بحر آرال للتخفيف من عواقب الكارثة البيئية".


كما أكد ممثلو المنظمات الدولية فى سياق أعمال المؤتمر، أن جفاف بحر آرال يمثل - أحد أكبر الكوارث التى تسبب بها الإنسان فى العالم، والتى تشكل من حيث العواقب المناخية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، تهديدا مباشرا لجينات وصحة السكان ولشروط ونوعية حياتهم، وكذلك لعالم النباتات والحيوانات فى منطقة بحر آرال.

وطبقا لنتائج التدابير المتخذة المذكورة أعلاه، فقد تم التوصل إلى عدد من الترتيبات والاتفاقات التى جرى التوقيع عليها، حول تنفيذ عدد من المشاريع القومية والإقليمية فى حوض بحر آرال بقيمة إجمالية بلغت 3 مليار دولار، وبمساعدة قروض تفضيلية طويلة الأجل بقيمة إجمالية بلغت 1.9 مليار دولار وتوفير الموارد اللازمة للمساعدات التقنية والمنح بمبلغ 200 مليون دولار.


خلال فترة رئاسة أوزبكستان للصندوق الدولى لإنقاذ بحر آرال، عقد المجلس التنفيذى فقط أكثر من مائتى من اللقاءات والمفاوضات والاجتماعات والمشاورات، وأرسى وشائج التعاون مع وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية المرموقة - البنك الدولى، والبنك الآسيوى للتنمية، والبنك الإسلامى للتنمية، والوكالات الدولية للتعاون، وألمانيا، وسويسرا، وجمهورية كوريا، والولايات المتحدة الأمريكية واليابان، وذلك من أجل جذب انتباههم وتعزيز جهودهم المبذولة نحو تنفيذ الإجراءات العملية لتحسين الوضع البيئى، الاجتماعى والاقتصادى والماء فى حوض بحر آرال.


وبناء على مبادرة من اللجنة التنفيذية للصندوق الدولى لإنقاذ بحر آرال، وفى إطار منتدى المياه العالمى السابع الذى عقد فى الفترة من 12-17 أبريل لعام 2015 فى مدينتى ديجو وجيونبوك (جمهورية كوريا)، تم لأول مرة في تاريخ الصندوق الدولى لإنقاذ بحر آرال، تنظيم فعالية فى شكل الدورة الإقليمية فوق العادة لبلدان آسيا الوسطى حول موضوع: "تطوير التعاون فى منطقة حوض بحر آرال للتخفيف من آثار الكارثة البيئية".

وجرى اعتماد الوثيقة الختامية للدورة، والتى تعكس الاتجاه لتحقيق استقرار الوضع البيئى، وتنشيط التعاون الدولى للصندوق الدولى لإنقاذ بحر آرال، فى تنفيذ البرامج والمشاريع.

وفى إطار المؤتمر الوزارى الثامن "البيئة المحيطة من أجل أوروبا"، الذى عقد فى الفترة من 8-10 يونيو لعام 2016 فى باتومى (جورجيا) تم توقيع النداء المشترك بين اللجنة التنفيذية للصندوق الدولى لإنقاذ بحر آرال، واللجنة الاقتصادية الأوروبية التابعة للأمم المتحدة، لدعم الجهود المبذولة نحو إعادة إحياء الغابات والتشجير فى حوض بحر آرال، مما يعكس نية الأطراف فى التعاون لأجل تنفيذ المشاريع الخاصة بتحسين البيئة المناخية، ومنع انتقال الملح عبر الغبار، وتثبيت الكثبان الرملية المتحركة، والعمل على خفض الرياح التى تتسبب فى التعرية، وكذلك تحسين الصحة العامة للسكان، واستعادة الحياة النباتية والحيوانية فى منطقة بحر آرال.


وحاليًا يواصل الصندوق الدولى لإنقاذ بحر آرال تواجده باعتباره إطارا فريدا متعدد الجوانب، يمنح التحرك الإيجابى الفعال للتعاون الإقليمى فى حل مشاكل المياه والبيئة فى آسيا الوسطى.

إرسل لصديق

ads

تصويت

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر