مصر بحثت عن التغيير للافضل فاختارت الاسوأ.. 6 سنوات ومصر محبوسة بارادتها داخل نفق مظلم وجب عميق .. تسعى جاهدة للخروج منه أحيانا بشكل فردى وأحيانا بدعم الاصدقاء ولكنها لم تنجح حتى الان .. الجميع سقط فى فخ الوطنية الزائدة عن الحد .. وصدروا للناس أن حسنى مبارك هو الشفاطة التى تشفط كل خيرات مصر واذا تم خلعه فسوف يسبح الجميع فوق أنهار من لبن وزبدة وعسل مصفى وانساقت الغالبية العظمى من الشعب خلف هذه الدعاوى الزائفة التى لم تخدم سوى مصالح أصحابها وسقطت مصر فى بحيرة آسنة من الفساد والمحسوبية وبيزنس المصالح وشبكات العلاقات العامة بين كبار المسئولين فى كافة المجالات وتحول الامر الى ما يشبه شبكات الدعارة والبغاء .
من تربوا فى أحضان مبارك ثاروا عليه لانهم اكتشفوا ان نهايتهم باتت حتمية ولكن تعدو عن كونها مسألة وقت لذلك سعوا إلى الحشد ضده من أجل البحث عن قبلة الحياة لهم ليبدأوا من جديد قبل ان تنهار أحلامهم وبالفعل تحقق لهم ما أرادوا بعد انزواء على المشهد السياسى والاقتصادى لفترات أعادوا فيها ترتيب أوراقهم وفصلوا ماسكات جديدة تتماشى مع متطلبات المرحلة للظهور بها على المسرح وابهار المشاهدين من جديد .
الشعب انقسم الى فريقين فريق أدمن مشاهدة فقرات البورنو والعهر التى تبثها برامج التوك شو ونصبوا انفسهم خبراء يدلون بدلوهم فى كل القضايا دون ان يكون لديهم أى معلومة مؤكدة أو إحصائية صحيحة يدعمون بها وجهة نظرهم .. والفريق الثانى ظل فى طابور الانتظار الطويل ممنيا نفسه بأنهار اللبن والزبدة والعسل المصفى الذى تم تصدير فكرة الثورة والتغيير من أجله وحينما اكتشفوا زيف أحلامهم تحولوا الى ناقمين على البلد وكل ما فيها .
الاعلاميون الذين طالما مسحوا أحذية مبارك ورجال حكمه تحولوا الى معارضين ونصبوا انفسهم أوصياء على الشعب يتحدثون باسمه ووصل بهم الأمر الى الحديث باسم مؤسسة الرئاسة وكافة مؤسسات الدولة وسط حالة من الصمت الغريب والمريب من الدولة بدءا من نظام حكم الاخوان حتى اللحظة الحالية وكأن الدولة ترحب بهذا الأمر ولم تتدخل لاسكاتهم حتى تحول الأمر إلى فوضى عارمة .
رجال الأعمال الذين حققوا ارباحا خرافية من كل أعمالهم المشروعة وغير المشروعة دخلوا فى حالة اختفاء اختيارى تكتيكى بعد الثورة انتظارا لما ستؤول اليه الامور وتركوا الساحة لرجال الاعمال المحسوبين على جماعة الاخوان فى فترة من الفترات وبعد 30 يونيو وازاحة الاخوان من الحكم ظهروا بنيولوك جديد ودخلوا فى شراكة مع الدولة بدون توقيع عقود لهذه الشراكة ولكنهم كانوا دائما يصاحبون الرئيس السيسى فى زيارته الخارجية ويمولون هذه الزيارات بصطحاب أعداد كبيرة من الاعلاميين بحجة تغطية الزيارات لهدف فى أنفسهم وهو غض طرف الدولة عنهم وتركهم يستمتعون بما جمعوه من أموال على حساب الفقراء من هذا الشعب.
رجال السياسة الذين ورطوا مصر ايام مبارك الاحياء منهم ظهروا من جديد ووجهوا سهام النقد الى فترة حكمه وكأنهم لم يكونوا مشاركين فيها وهؤلاء أبرزهم مصطفى الفقى الذى مازال يمارس عهره السياسى ويتلون كل يوم بوجه جديد .
الكارثة الكبرى التى شهدتها مصر بحق هى تسونامى الفوضى الذى ضرب المنظومة الاعلامية فى مقتل حيث شهدت مصر ولادات قيصرية انتجت مواليد مشوهين فى المواقع الالكترونية والصحف الخاصة والقنوات الفضائية التى أنشأها لرجال الاعمال وانفقوا عليها ببذخ لكى تكون اذرع اعلامية لهم تحميهم وتدافع عنهم وقت السقوط والمسألة فى أكبر وأقذر عملية غسيل أموال شهدتها مصر .
هذه الحالة أسفرت عن ابتلاء مصر بمجموعة من الطبالين والراقصين على كل الاحبال لدعم اولياء نعمتهم وأسيادهم الذين قلدوهم مناصب ما كانوا يحلمون بها وأصبحوا يتقاضون أجورا خرافية ويمثلون على الشعب بأنهم يتحدثون بلسان الفقراء ومازالت هذه المنظومة تهوى بمصر الى جب سحيق لا يعلم سبيل الخروج منه الا الله ..
وبناءا على كل ما تقدم يمكننا ان نرصد ابرز السيناريوهات التى تساعد فى الخروج من النفق المظلم ومشاهدة الضوء فى بداية فتحة هذا النفق .
أولا – يتعين على الدولة العمل الجاد على إصلاح المنظومة الاعلامية سواء الحكومية أو الخاصة من خلال قوانين رادعة وصارمة تراعى مصلحة الدولة والشعب وليس مصلحة الافراد لوقف حالة الهبل الاعلامى التى جعلت مصر أضحوكة العالم بعد ان كانت هى صاحبة الريادة فى هذا المجال على الاقل على مستوى العالم العربى .
ثانيا – محاسبة كل المخطئين أى كانت مراكزهم ومناصبهم ونفوذهم بشكل يتسم بالشفافية واعلان ذلك على الشعب لردع كل من تسول له نفسه الاصرار على الخطأ لأنه ضامن انه لن يعاقب وفى هذا تطبيق للمثل الشعبى الواضح (( اضرب المربوط يخاف السايب ))
ثالثا – على الحكومة تقديم كشف حساب للشعب من خلال بيان شامل يلقيه الرئيس او رئيس الوزراء كل 3 شهور على الأكثر ما تم وما سيتم والكشف عن أوجه الخلل والقصور سواء كان هذا البيان أمام البرلمان أو فى بث حى مباشر على الهواء من خلال تليفزيون الدولة
رابعا – الاعلان عن خطط واضحة تسعى الحكومة لتنفيذها من أجل علاج التشوهات فى المنظومة الاقتصادية والاعلامية والاجتماعية مصحوبة بمراحل وتوقيتات تنفيذها ومحاسبة المقصرين .
خامسا – التوقف عن سياسة الاعتماد على أهل الثقة والاعتماد على أهل الخبرة والكفاءة لأن كل ما تعانى منه مصر منذ زمن طويل سببه الاساسى هو الاصرار على السير فى هذا الاتجاه دون مراعاة للمخاطر التى تعانى منها الدولة
سادسا- وقف السفه والبذخ فى الجهات الحكومية ومحاسبة المخطئين حسابا عسيرا لأنه لا يعقل ان تقوم جهة حكومية فى المنيا بانفاق 20 مليون على شراء شيكولاتة للضيوف فى الوقت الذى يعانى منه غالبية الشعب الامرين من أجل الحياة على حد الكفاف .
سابعا – مواجهة مافيا المستوردين الذين يبددون موارد الدولة من العملات الصعبة فى استيراد سلع عديمة الفائدة تضر بالصناعات الوطنية وتساعد على اغلاق المصانع وتشريد العمال من أجل البحث عن الربح السريع دون مراعاة للظروف التى تمر بها الدولة
ثامنا – اظهار العين الحمراء لكل من يقوم باحتكار السلع والمواد الغذائية من اجل رفع الاسعار واظهار الدولة بمظهر العاجز أمام مافيا الاحتكار وكلهم عائلات ورجال اعمال معروفين بالاسم يسيطرون على التجارة فى هذا القطاع الحيوى
تاسعا - محاسبة كل رجال الأعمال ضريبيا ومعاقبة كل من يثبت تهربه من الضرائب او التلاعب فى حسابات شركاته من أخل تقديم ميزانيات خاسرة للافلات من دفع حق الدولة لان ما ينفقه رجال الأعمال ببذخ على ولائهم العزومات التى ينظمونها سنويا يفوق قيمة الضرائب المقدرة عليهم .
عاشرا – إجبار مافيا الأراضى الذين سيطروا على مساحات شاسعة من اراضى الدولة بشكل مخالف على شراء الاراضى المخالفة بسعر اليوم وليس من خلال التصالح وتقنين الأوضاع بالاسعار القديمة وهذا الامر من الممكن ان يدر على الدولة عائدات بالمليارات ومن يرفض يتم مصادرة الاراضى المخالفة منه بما عليها من انشاءات ودون تعويضه عن هذه الانشاءات
وختاما لا أجد شيئا اقوله للحكومة سوى كلمات قصيدة المبدع الراحل احمد فؤاد نجم انتو مين واحنا مين لأنها أروع من يعبر عن لسان حال الشعب فى هذه اللحظة الفارقة من تاريخ مصر
هما مين واحنا مين
هما الامر والسلاطين
هما المال والحكم معاهم
واحنا فقرا ومحكومين
حزر فزر شغل مخك
شوف مين فينا بيحكم مين
احنا مين وهما مين
احنا الفعلا البنايين
احنا السنه واحنا الفرض
احنا الناس
بالطول والعرض
من عافيتنا تقوم الارض
وعرقنا يخضر بساتين
خزر فزر شغل مخك
شوف مين فينا
بيخدم مين
هما مين واحنا مين
هما الامرا والسلاطين
هما الفيلا والعربيه
والنساوين المتنقيه.. طبعاً
حيوانات استهلاكيه
شغلتهم حشو المصارين
حزر فزر شغل مخك
شوف مين فينا بياكل مين
احنا مين وهما مين
احنا قرنفل على ياسمين
احنا الحرب حطبها ونارها
احنا الجيش اللى يحررها
واحنا الشهدا ف كل مدارها
منتصرين او منكسرين
حزر فزر شغل مخك
شوف مين فينا بيقتل مين
هما مين واحنا مين
هما الامرا والسلاطين
هما مناظر بالمزيكه
والزفه وشغل البولوتيكا
ودماغهم طبعا استيكه
بس البركه فى النياشين
حزر فزر شغل مخك
شوف مين فينا بيخدع مين
هما مين واحنا مين
هما الامرا والسلاطين
هما بيلبسوا اخر موضه
واحنا بنسكن سبعه ف اوضه
هم بياكلوا حمام وفراخ
واحنا الفول دوّخنا وداخ
هم بيمشوا بطيارات
واحنا نموت في الأوتوبيسات
هم حياتهم تمضي جميلة
هم فصيلة واحنا فصيلة
حادي يا بادي يا عبد الهادي
راح تفهم قصد الغنوة دي
لمّا الشعب يقوم وينادي
يا احنا يا هم في الدنيا دي
حزر فزر شغل مخك
شوف مين فينا حيغلب مين!!