54 عامًا من الريادة.. كيف يوثّق الإعلام الإماراتي مسيرة النهضة؟
تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر باليوم الوطني الرابع والخمسين (عيد الاتحاد)، مستذكرة لحظة التأسيس التاريخية عام 1971م حين توحّدت الإمارات السبع تحت راية واحدة، لتبدأ معها مسيرة بناء دولة حديثة تتقدّم بثبات نحو المستقبل. ويأتي احتفال هذا العام تحت شعار "مُتحدين"، تأكيدًا على قوة الوحدة وروح الانتماء التي شكّلت جوهر نجاح التجربة الإماراتية.
وتشهد مدن الإمارات خلال المناسبة أجواء احتفالية واسعة تشمل عروضًا ثقافية ومجتمعية، وتتحول الشوارع والساحات والمباني الحكومية إلى لوحات مضاءة تتزيّن بالأعلام والإنارات التي تجمع بين الأصالة والحداثة، في مشهد يعكس الاعتزاز بالهوية الوطنية ويعزز مشاركة المواطنين والمقيمين على حد سواء .
الإعلام الإماراتي.. ذاكرة وطن ورسالة للعالم
منذ إعلان الاتحاد، لعب الإعلام الإماراتي دورًا محوريًا في توثيق مسيرة الدولة عبر الصحافة والإذاعة والتلفزيون، ناقلًا رسائل وطنية تُبرز مراحل التنمية وإنجازات الدولة محليًا وعالميًا. ومع دخول العصر الرقمي، أصبح الإعلام أكثر تنوعًا وتأثيرًا، مستفيدًا من المنصات الرقمية والحملات التفاعلية التي تستقطب فئة الشباب وتُشركهم في إنتاج المحتوى الوطني بأسلوب حديث.
واليوم، يعمل الإعلام كمنظومة متكاملة تضم الصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعات والمنصات الرقمية، ليكون صوتًا يعكس تطلعات المجتمع وينقل صورة الإمارات إلى العالم بلغات متعددة وأدوات مبتكرة.
من الصحف الورقية إلى الإعلام الرقمي
مرّت مسيرة الإعلام الإماراتي بمحطات بارزة أسست لنهضته الحديثة؛ بدأت مع صدور صحيفة الاتحاد عام 1969م التي شكّلت علامة فارقة في الإعلام المكتوب، وتزامنت مع إذاعة صوت الساحل في الشارقة عام 1964م، ثم توالى إطلاق الإذاعات المحلية في بقية الإمارات. وفي عام 1971م، انطلق تلفزيون دبي كأول قناة تنقل صورة الاتحاد بالصوت والصورة، لتلحق به قناة الشارقة عام 1989م، مُعززة حضور الإعلام المرئي في الدولة.
ومع الثورة الرقمية، كانت الإمارات من أوائل الدول التي تبنّت الإعلام الإلكتروني؛ إذ أطلقت صحيفة الإتحاد خدماتها الرقمية عام 1996م، لتتبعها منصات رقمية متعددة أصبحت اليوم من أبرز مصادر المحتوى الوطني، خصوصًا لدى فئة الشباب.
ويعتمد الإعلام الإماراتي في 2025 على المحتوى القصير والفيديوهات الإبداعية عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك وإنستغرام ويوتيوب، إضافة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي وصحافة البيانات لإنتاج محتوى احترافي متعدد اللغات يعكس رؤية الدولة وتطلعاتها .
احتفال رقمي يوحّد المشاعر
يمثل اليوم الوطني الـ54 نموذجًا للتكامل بين التكنولوجيا والاحتفال الوطني، حيث بات بإمكان المواطنين والمقيمين داخل الإمارات وخارجها متابعة العروض والفعاليات افتراضيًا عبر تقنيات الواقع المعزز والميتافيرس والواقع الافتراضي، بما يعزز الإنتماء الوطني ويرسخ الهوية الوطنية.
وتمتلئ المنصات الرقمية سنويًا بمحتوى ملهم يعكس فرحة المجتمع، ويزخر بالصور والفيديوهات التي توثق الاحتفالات وتنشر رسائل التهاني والفخر عبر وسوم موحدة مثل #روح_الإتحاد و#الإمارات_54، بينما يواصل المؤثرون وصنّاع المحتوى الإماراتيون تقديم أعمال مبتكرة تبرز إنجازات الدولة وتحظى بانتشار واسع على المستويين المحلي والإقليمي .
قطاع إعلامي يواكب الطموحات
وقد حقق قطاع الإعلام الإماراتي في 2025 نموًا متسارعًا مدفوعًا بالتحول الرقمي والدعم الحكومي، إذ تُقدَّر القيمة الإجمالية المتوقعة لإيراداته بنحو 56.5 مليار درهم، يتصدرها الإعلام الرقمي بـ 42.5 مليار درهم، مما يعكس ازدهار تأثير الإعلام الجديد في الدولة.
وخلال النصف الأول من العام، أصدر مجلس الإمارات للإعلام أكثر من 2500 تصريح ورخصة إعلامية، بينما ساهمت مبادرات مثل برنامج "إعلاميين" في تأهيل كوادر وطنية مؤهلة لمواكبة التحولات الرقمية، كما استضافت الإمارات فعاليات كبرى مثل "قمة الإعلام العربي 2025"، التي جمعت آلاف الخبراء والمبتكرين لتبادل الخبرات وعرض أحدث الابتكارات في صناعة الإعلام .
إعلام إماراتي برؤية عالمية
وساهم الإعلام الوطني في تعزيز مكانة الإمارات على الساحة الدولية من خلال عرض قصص النجاح في مختلف المجالات، كالاستثمار والسياحة والترفيه والإبتكار، وفي عام 2025، حققت الدولة إنجازات نوعية، منها: 2.3 تريليون درهم تجارة خارجية، و660 مليار درهم ناتج محلي غير نفطي، بالإضافة إلى تأسيس أكثر من 200 ألف شركة جديدة. وقد نجح الإعلام في نقل هذه الإنجازات إلى العالم، ما رسّخ صورة الإمارات كوجهة رائدة للابتكار والفرص الإقتصادية.
استراتيجية إعلامية مشتركة
وبمناسبة اليوم الوطني الإماراتي الـ54، وجّه عبدالله عنايت، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة W7Worldwide للاستشارات الإعلامية والإستراتيجية، التهنئة للقيادة والشعب الإماراتي، معبرًا عن اعتزازه بالعلاقات الأخوية الوثيقة التي تجمع الإمارات بالمملكة العربية السعودية، ومؤكدًا حرص الشركة على تعزيز الشراكات الاستراتيجية والإعلامية لدعم التنمية والابتكار في كلا البلدين.
وأضاف عنايت: "نحن نؤمن بأهمية بناء شراكات مستدامة تقدم حلولًا استشارية متخصصة ترتقي بالصورة الإعلامية وتعزز الخطاب الاستراتيجي الوطني، بما يدعم مستهدفات التنمية والابتكار في الإمارات والسعودية، ونتطلع إلى توسيع تعاوننا مع المؤسسات الإماراتية لتحقيق مزيد من النجاحات في المستقبل".
تعاون سعودي إماراتي.. شراكة متنامية
وترتبط المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات بعلاقات متينة تشمل مختلف المجالات، لا سيما الاقتصاد والإعلام .
فقد شملت الصادرات السعودية إلى الإمارات معدات ميكانيكية، ووسائل نقل، ومنتجات كيميائية، ومعادن، وأحجار كريمة، في حين شهدت الاستثمارات السعودية في الإمارات نموًا ملحوظًا في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية الرقمية، والشركات الناشئة المبتكرة، إلى جانب مشاريع مشتركة في مجالات الإستدامة.
ويواصل التعاون الإعلامي التوسع من خلال شراكات لتنسيق الحملات الوطنية وتبادل الخبرات، بما يعزز صورة الخليج ويوحد الرسائل الإعلامية على المنصات العالمية.
ختامًا، يجسد اليوم الوطني الـ54 للإمارات قصة وطن يعتز بماضيه ويستشرف مستقبله بثقة، تحت قيادة ملهمة وشعب متحد، ويواصل الإعلام الوطني، بتقنياته المتطورة ورسائله المؤثرة، أداء دوره الاستراتيجي في نقل إنجازات الدولة إلى العالم، وترسيخ مكانتها كدولة عصرية تجمع بين الأصالة والطموح.