في ذكرى العاشر من محرم التي يطلق عليها المسلمون «ذكرى عاشوراء» تكثر الأقاويل والروايات، ويختلف العلماء في نسب وسبب قدسية وحرمة هذا اليوم، حيث ذهب اليوم إلى أن سبب قدسية هذا اليوم أنه اليوم الذى نجى الله فيه موسي عليه السلام من فرعون، بينما ربطت المؤمنون بالعهد القديم من النصارى، بين رسالة موسي وعيسى عليه السلام فقدسوا ذالك اليوم.

بينما يحتفل الشيعة المسلمون بهذا اليوم باعتباره اليوم المحرم الذي قتل فيه سيدنا الحسين بن علي بن ابي طالب، أما أهل السنة والجماعة فيقدسونه ويصومونه باعتباره أمر مستحب من النبي صلي الله عليه وسلم.

الشيخ مصطفي العطفي وكيل وزارة الأوقاف السابق أن صيام يوم عاشوراء سنة مستحبة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، حيث ورد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا يَعْنِي عَاشُورَاءَ فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ فَقَالَ : ( أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصَامَهُ ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ) رواه البخاري ( 3216 ) .

وأضاف الشيخ مصطفي العطفي أن صيام يوم عاشوراء ليس له علاقة بالتشيع، وليس يوماً شيعياً كما يروج البعض، ولا علاقة له بمقتل سيدنا الحسين عليه السلام، والثابت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه اليوم الذي نجي الله فيه موسى من الغرق على يد فرعون وجنوده.

وأشار العطفي إلى أن غاية الشارع الحكيم من تقديس هذا اليوم وصيامه والتقرب فيه إلى الله بأعمال الخير هو أن يحثنا على مجموعة من الطاعات وهي كالتالي:
أولاً: العناية بقصص الأنبياء، وقد قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ).

ثانياً: ضرورة تدبر القرآن الكريم، وقد قال تعالى:( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ).
واشار فضيلة الشيخ مصطفي العطفي إلى أن النبي صلي الله عليه وسلم، أراد صيام هذا اليوم تأسياً بصيام نبي الله موسى شكرا لله على نجاته ومن معه ولغرق فرعون وجنده، ولنا في رسول الله أسوة حسنة.

رابعاً: يحثنا الشارع الحكيم على ضرورة توحيد الله وعظمته وهو لب دعوة الرسل جميعا، وبسببه أنجى الله من آمن مع موسى عليه السلام، قال تعالى:( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ).

وأخيراً، فإن الاحتفاء والاحتفال بالدين ومسائله، يكون تبعا للنصوص الشرعية، ولا نتعداها ببدع محدثة ما أنزل الله بها من سلطان.

وأشار الشيخ مصطفي العطفي إلى أن الصوم التطوعي قربة من القرب إلى الله، ومنه صيام ليوم عرفة وغيره من الأيام التي حث المصطفي على صيامها : «ثَلاَثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ وصِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ ».رواه مسلم.