البراءة التي تحاول هدمها الحروب ولم تستطع، ظهر على وجهه الملطخ بدماء اللاإنسانية وقسوة العالم علامات الذهول، وآثار التراب تغطي على ملامحه الصغيرة، حيث بدى مقعد الإسعاف ذو اللون البرتقالي يحتضنه بشدة بعدما عاش مشهد مأسوي قد لا يعيشه الكثيرين منا طوال حياته، ربما لم يفكر في مصير أسرته مصدر أمانه الوحيد رغم الدمار والخراب، «عمران الدقنيش» الطفل السوري الذي وثق صوره العفوية مايحدث في سوريا دون كلام.
يجلس الطفل «عمران» مذهولا، يمسح جبهته المتربة داخل الجزء الخلفي من سيارة الإسعاف، بعدما سحبته قوات الحماية المدنية من تحت أنقاض منزله الذي تم قذفه، يبدو عليه تائه ومشرد، حيث قال أطباء من الجمعية الطبية الأمريكية السورية لوكالة «آي بي سي» أن عمره لا يتعدى الخمس سنوات، وأنه مصاب بجروح في الرأس بحسب تقرير مستشفى  «M10».
وبجروح العرب التي لم تلتئم بعد، تم قذف منزل «عمران»، مساء الأربعاء في الضاحية الشرقية المحاصرة التي يسيطر عليها المتمردون في حلب، وتم التقاط صوره من قبل مركز حلب الإعلامي لحظة انقاذ عمران بجانب ثلاثة أطفار صغار آخرين من تحت أنقاض المنزل بعد الغارة الجوية، من قبل فريق «الخوذات البيضاء» متطوعين من الدفاع المدني في سوريا.
سبب ذهول وتوهان الطفل السوري «عمران» هو ان الأطباء لا يعلمون ما جرى لأسرته حتى الآن إنما جاء لهم من قبل أربعة شبان سوريين، وبينما يلتقط المصورين بعض الصورة الحصرية لهم عن حالته، ويتسارع الآخرين لإحضار باقي الأطفال المصابيين، ويحاول الأطباء علاجهم، فلم ينطق «عمران» بلفظًا واحدة أو يصرخ من شدة القهر والألم، محطم، يراقب بدقة لكي يترجم ما هو مصيره، صامتًا ربما لإنه يعلم أن العالم صامت عنه أيضًا ولن يتحرك حتى لو التقطوا له مليون صورة.