جريدة تحيا مصر

اخر الأخبار
ads
غادة سمير

غادة سمير

غادة سمير تكتب : اللي رماك علي المر

الأحد 08/مايو/2016 - 11:38 م
طباعة

أتصفح منشورات بعض الأصدقاء والمعارف علي موقع التواصل الإجتماعي ''فيس بوك'' فأجد البعض، وخاصه من فئه الشباب يضعون بعض العبارات التي تبين رغبه واحده ملحه، تحيا بداخل كل منهم علي حده ،الا وهي حلم... ''السفر''،الحلم الذى يحلم به الأغلبية كحلا سحريا لكل المشكلات التى تواجهنا كأفراد داخل المجتمع والدوله، إذا قرأنا عن حادث إرهابي أو حتي حادث سير أو سرقه أو خطف أو قتل.. تسمع من يعقب قائلا..أمتي ربنا يتوب علينا بقي ..الواحد نفسه يهج من البلد دي..عزيزي اللي نفسك تهج من غير شعارات ولا كلام كبير ولا حقولك خليك واقعد إزرع الصحرا وأرويها لأن هذا كلام يتعارض تماما مع ما يحدث من أحداث حاليه وظروف اقتصاديه وعقل ومنطق ولكن سأقول لك... سافر.. اذا وجدت الفرصه لذلك ولكن ضع بعض الأمور جيدا في عقلك قبل اقدامك علي هذه التجربه التي سارعت قبلك للمرور بها ،فقد اغتربت عن وطني قبلك عدد من السنوات من أجل حياه وراتب ومكانه أفضل، لا أنكر انك ستجد بعض من هذا ..ولكن عليك أن تعرف جيدا الثمن الذي ستدفعه..فالحياه صديقي كمتجر كبير يعجبك فيه الكثير من البضائع، ولكن لن تستطع الإحتفاظ بما شئت منها دون أن تدفع الثمن. يوم رحيلك لأول مره إلي الدوله التي ستسافر إليها سيكون يوما لن تنساه في حياتك ابدا ..في هذا اليوم ستشعر أنك تحب الجميع أكثر مما أحببتهم من قبل ..ستتذكر كل من مر بك في رحله الحياه وكأنك تريد رؤية كل من مر بها ..ستشعر بحاله غريبه وأنت تمشي في شوارع مدينتك، أو تقف في شرفة منزلك، الذي شهد علي سنوات عمرك الماضيه باحزانها وافراحها.. ستشعر فجأه برغبه ملحه في أن تمشي فقط في الشارع الذي كنت ربما تكرهه من قبل ..وتأتي اللحظه التي تصافح فيها أسرتك ،لحظه أن تري الدموع انهمرت من أعين الجميع ..لن تستطع تجنب النظر إلي أعين أمك أو أبيك أو أشقائك ورفاقك..ستشعر أن قلبك يعتصره حزن كبير مهما حاولت أن تتظاهر بعكس ذلك ..ستسافر إلي الدوله الأخري ،التي بالطبع سيبهرك كل شيء تراه فيها النظام والشوارع الواسعه والبيوت الأنيقه والمصالح الحكوميه التي لا مجال فيها لاستخدام الدفاتر الكبيره الباليه ولكن كل شيء يخضع لنظام وترتيب وإستخدام أحدث أساليب التقنيه، دون شك سيبهرك كل هذا .. ستذهب إلي عملك وتدور الأيام ويصبح هدفك الصغير إنتظار نزول الراتب اليوم الذي ينتظره الجميع ..لدفع إيجار المنزل الذي تعيش فيه هناك والماكل والمشرب ومصاريف انتقالك إلي عملك كل يوم ..ستمر الأيام بك ستعرف جيدا معني أن تنظر كل يوم إلي النتيجه المعلقه علي جدار غرفتك ،أو تختلس النظر سريعا كل يوم إلي هاتفك النقال لتعرف كم مر من أيام الشهر..ستعرف كيف يخفق قلبا سريعا عند سماع صوت رساله قادمه إليك من مصر أو سماع رنة هاتفك التي خصصتها لاسرتك بمصر..ستشعر حقيقه بحبك الشديد لمصر وانت مغترب..ربما ستحب البلد التي سافرت إليها...ولكن مهما احببتها لن تحبها مثل وطنك ابدا ..ستشعر بمشاعر الغيره الشديده علي وطنك ...ستجد نفسك ولأول مره تعشق سماع الأغاني التي ربما كنت لا تلتفت إليها سابقا ..ربما ستجد نفسك دون سبب تدندن مع '' الجسمي'' حبيبتي مصر وأهلها و تبكي عند سماع'' حكيم'' وهو يشكو الغربه إلي أمه .. ستمر الأيام ويصبح ما يربطك بوطنك رسائل عائلتك وقنوات التلفاز التي ستتحول بقدرة قادر لعاشق لها، وربما كنت تسارع بتغيير القناه فيما سبق لتستمع إلي أغنيه أو تشاهد فيلما يخرج إبتسامة أو ضحكه شاءت كثيرا أن تخرج فأبت وظلت حبيسه بداخلك...عندما تعود في عطلة الصيف، ستشعر من المؤكد بسعادة كبيره في أول يوم لرؤية عائلتك ورفاقك والجميع، وستحزن عند سماع أخبار سيئه عن من مات من المعارف أو الجيران أو الرفاق..وتبدأ رحله معاناتك لإستخراج كم هائل من الأوراق والتصريحات اللازمه لسفرك مره أخري...من تصاريح العمل والحصول علي أجازه من جهه عملك وغيرها من الأوراق التي ستأخذ من عطلتك أيام للحصول عليها ،وتنتهي العطله وتودع الجميع مره أخري، علي أمل اللقاء وتسافر وانت تدعو الله أن يجمعك بهم علي خير و أن تعود في العطله الجديده وأنت بخير وتتمتع بصحة جيده .بالطبع سينظر البعض إليك إنك خلاص عديت وقاعد بقي بتعبي في الدينارات أو الريالات ..وربما لن يصدقك البعض اذا تحدثت عن الإيجار الذي تدفعه ويبتلع معظم راتبك وحيقول في سره يا سلام لو كان كلامه صح كان رجع .. سأجيب عليك من خلال تجربه ..كثير من الأسر المغتربه أصبحت غير قادره علي العوده تتمني العوده ولكن غير قادره ..تعيش وتنفق علي أبنائها الذين ولدو وتعودو علي الدوله الأخري التي أصبحت لهم كل شيء..هؤلاء الأبناء الذين لم يعد يربطهم بوطنهم الحقيقي إلا أيام عطلة الصيف وخانة الجنسيه في هويتهم المدنيه...أصبحت الحياه لديهم هي تلك الدوله ..المدرسه التي يدرسون بها ..الرفاق الذين يلعبون معهم ..الأسواق والمجمعات التجاريه...سيأتي ربما عليك لحظه تتمني فيها العوده وانت بكامل الصحه والعافيه قبل أن تعود مثل غيرك محمولا في صندوق ولكن ربما لن تستطع...ستجد أحد أبنائك في مرحله دراسيه لابد أن يكملها أو تكون وصلت إلي العمر الذي يجعلك تتساءل طب أرجع اشتغل ايه ف سني ده ..أو بنت حتتزوج أو حسبتها ووجدت انك بعد كل سنين الغربه والشقي معملتش اللي ممكن يخليك تعيش في أمان...وتبقي داخل دوامه لا نهايه لها ..أتخذ قرار العوده وليحدث ما يحدث قبل أن تضيع سنوات عمري أم أعيش وأكمل حياتي مغتربا إلي أن يشاء الله ..وربما تجد الشقه أو المنزل الذي اشتريته بنقود الغربه في احدي المدن الجديده مغلقه كما تسلمتها، لأنك لا تملك الوقت الكافي لاعدادها لتكون صالحه للمعيشه..وعندما تعود ستجد أشياء كثيره تغيرت ووجوه كثيره قد اختفت وستجد انك انت نفسك تغيرت ..قلنا في البدايه لكل شيء ثمن لابد وأن تدفعه فلا تنظر إلي صديقك الذي سافر أنه عدي ووصل فالصوره من بعيد تبدو أجمل دائما فلا أحد يأخذ كل شيء وكل شيء له وعليه.. وله أيضا ثمن يدفعه غيرك من صحته ربما.. من سعادته ربما.. من راحة باله التي لا تعوض ربما أيضا.

إرسل لصديق

ads

تصويت

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر