جريدة تحيا مصر

اخر الأخبار
ads
محمد عبدالجواد

محمد عبدالجواد

أزمة الصحفيين والداخلية .. بين "سيف الحكومة .. وذهب رجال الاعمال "

الأحد 08/مايو/2016 - 02:23 م
طباعة
كشفت الأزمة الاخيرة التى نشبت بين نقابة الصحفيين والداخلية عن عمق المأساة التى تعيشها الصحافة فى مصر فتطور نمط ملكية الصحافة فى مصر لم يواكبه تطور مهنى ملحوظ ولكن صاحبه تطور فى أساليب الفهلوة والأكل على كل الموائد والسعى الجاد من أجل تفادى ضربة سيف الحكومة وفى نفس الوقت الفوز بذهب رجال الأعمال .

فملكية الصحف فى مصر تنقسم إلى ثلاثة أنواع الصحف القومية التى تقبع فى قبضة الدولة وتعيش على فيضان التسهيلات التى تحصل عليها من الدولة وسيل الاعلانات الحكومية الذى لا يجف ولا يهدأ ..

والصحف المملوكة للأحزاب السياسية وهذه ضربتها الأزمات الاقتصادية بعنف ونالت منها وساعد فى الاجهاز عليها الصراعات السياسية داخل الأحزاب بحثا عن المناصب ومنها الأحرار أول صحيفة حزبية يومية فى مصر وصحيفة الأهالى الخاضعة لحزب التجمع وصحيفة الشعب التى كانت مملوكة لحزب العمل وصحيفة الوفد وصحيفة مايو التى كانت مملوكة للحزب الوطنى وهذه الصحف إما توقفت أو فقدت تأثيرها وتفرق دم الصحفيين العاملين بها بين الصحف الخاصة والمواقع الالكترونية..

أما النمط الجديد من ملكية الصحف فهى صحف رجال الأعمال التى بدأت بالعالم اليوم ثم المصرى اليوم ثم الوطن ثم اليوم السابع والشروق ومعها الكثير من المواقع الالكترونية التى هبت على مصر مع رياح الألفية الجديدة .. وهذه الصحف كان الهدف منها فى الاساس تكوين أذرع اعلامية قوية لمناصرة أصحابها فى الصراع مع الدولة وللأمانة حققت نجاحا فى هذا الأمر إلى حد بعيد.

هذه المقدمة الطويلة كان لابد منها من أجل التمهيد للدخول فى صلب الأزمة الراهنة للوقوف على حقيقة الأمر ورصد ردود الافعال العنيفة والمتشنجة فى الأزمة التى اشتعلت بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية على خلفية القبض على اثنين من المعتصمين داخل النقابة أحدهما يحمل عضوية النقابة والاخر حاصل على دبلوم تعليم صناعى وبيقلب عيشه فى مهنة الصحافة .

الأزمة بدأت بحالة من التشنج والعصيبة وتغييب العقل وتحضير عفريت الكرامة وحرية الرأى والتعبير وبدأ مجلس النقابة فى تجييش جموع الصحفيين الغيورين على مهنتهم لمناصرة أعضاء المجلس فى أزمته وهم الذين تخلوا عن الصحفيين فى أزماتهم وتعاملوا بمبدأ الانتقائية فى حل الأزمات وهنا يتوجب علينا أن نرصد مواقف الأطراف وفقا لنمط ملكية الصحف .

رؤساء تحرير الصحف القومية دخلوا على الخط فى بداية الأزمة وعملوا زمبيلطة فى الصالون بسوء نية من أجل عدم خسارة الجماعة الصحفية والرهان على حل الأزمة بسرعة ولم يقدروا عواقب تأخر الحل فكانت النتيجة أن بعضهم انكشف بمجرد انتهاء اجتماع مجلس النقابة ولم يلتزم بتنفيذ قرار واحد من القرارات التى تم الاتفاق عليها واعلانها على الملأ .. والبعض الأخر ارتدى ثوب الشجاعة لليلة واحدة وخلعه مجبرا فى اليوم التالى مباشرة .

الصحف الحزبية كما سبق وقلنا تلاشت وتبخرت ولم يبق منها سوى جريدة الوفد التى ناصرت النقابة رغم أنها محدودة التأثير .

أما الصحف المستقلة فسكبت البنزين على نيران الأزمة لتزيدها اشتعالا بتعليمات من أصحاب رأس المال الذين لهم الكثير من المشاكل مع الدولة سواء فى التهرب من الضرائب أو الاراضى التى حصلوا عليها بطرق ملتوية وغيروا النشاط المخصص لها وجنوا من وراء ذلك المليارات ويرفضون بشكل قاطع دفع مستحقات الدولة وبعضهم مرعوب من نتائج اجتماعات لجنة استرداد الاراضى المنهوبة على الطريق الصحراوى .

لذا أراد أصحاب رأس المال أن يلاعبوا الدولة كلا بطريقته الخاصة من خلال بعض الدوبليرات الموالين لهم وإظهار انفسهم بمظهر القوة وأنهم قد يشعلون البلاد نارا فى حال الاقتراب منهم أو المساس بملياراتهم خصوصا وأن غالبية أصحاب رأس المال لهم مشاكل لاحصر لها ويتوقعون انقلاب الدولة عليهم فى أى لحظة فى ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر الدولار وما صاحبه من ارتفاع أسعار كافة السلع .

لذا وجد عدد كبير من رؤساء تحرير الصحف المستقلة أنفسهم فى ورطة حقيقية وأصبحوا بين مطرقة سيف الحكومة التى يدين معظمهم لها بالولاء من منطلق المصالح تحكم وسندان ذهب رجال الاعمال ذلك المنجم الذى يغترفون منه الملايين سنويا سواء من الصحف التى يترأسون تحريرها أو من خلال تقديم برامج فى الفضائيات المملوكة لنفس رجال الاعمال .

بعض رؤساء التحرير نشر صورة وزير الداخلية نيجاتيف فى بداية اليوم الاول للتصعيد فى صحفهم ولكنهم تجنبوا نشر الصورة من الأساس بعد ذلك وبعضهم ينشرها على استحياء فى الموقع الالكترونى التابع لصحيفته ولضمان أمنهم الوظيفى واستمرار تدفق الملايين لحساباتهم البنكية بدأوا فى انتهاج سياسة ضرورة تغليب صوت العقل وتدخل الحكماء لحل الأزمة وبالتالى اشتروا أنفسهم وباعوا النقابة والجماعة الصحفية فى إطار عمليات تبادل الادوار والرقص على كل الحبال من أجل مصالهم الشخصية .

أما مجلس النقابة الذى بدا هزيلا ومتناقضا فى مواقف أعضائه فبحث عن الشو الاعلامى كل يريد أن يدلى بدلوه حبا فى الظهور واللعب مع الدولة على المكشوف فبدلا من تسمية متحدث رسمى باسم النقابة من بين أعضاء المجلس للحديث لوسائل الاعلام تبارى الجميع من أجل الظهور على الفضائيات فسقطوا جميعا واسقطونا نحن وهيبة المهنة فى مستنقع المصالح البغيض .

لقد أشعلوا الأزمة بالمراهنة على حماس شباب الصحفيين وغيرتهم على مهنتهم وفشلوا فى اطفائها وبدأوا فى البحث عن محلل أو مطافى قطاع خاص لاخماد النيران من أجل حفظ ماء وجوههم الذى جف من الخزى والعار .

لقد وضعوا الجميع أمام المدفع مباشرة واحتموا هم بساتر كبير من أجسام وجماجم شباب الصحفيين وأصبح الجميع يبحث عن مصالحه الشخصية وبات شباب الصحفيين هم الضحية الوحيدة للمتاجرة الرخيصة بهم ..

وخلال الأيام المقبلة سيكتشف الجميع أن الازمة المصطنعة كانت بمثابة ثورة زجاجة مياه غازية تثور بانفعال واندفاع ثم سرعان ما تفقد طعمها وقيمتها .
#لكم_الله_يا_صحفيين_مصر

إرسل لصديق

ads

تصويت

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر