ads
السبت 26 يوليو 2025 الموافق 01 صفر 1447
تحيا مصر تحيا مصر
رئيس مجلس الإدارة
سامح جابر
ads

ظفار في الخريف .. لوحة من الضباب والسحب والمروج الخضراء في جنوب عمان

تحيا مصر

في أقصى الجنوب العُماني، حيث تنحني الجبال باحترام أمام البحر، وتلوح النخيل للموج كأنها تستقبل زائرًا عزيزًا، تتجلى لوحة ربانية لا تشبه غيرها .. إنها ظفار حين يزورها الخريف، وتتحول الأرض إلى مسرحٍ أخضر تصفق له السحب مطرا ممتعا والقلوب فرحة.
تمتاز محافظة ظفار بموسم الخريف السياحي الماطر الذي يتميز بأجوائه الاستوائية الجميلة ودرجات حرارته المعتدلة، ما يجعل منها مقصدًا للزوار والسياح من داخل سلطنة عُمان وخارجها .
وتتأثر بموسم الخريف الولايات الساحلية في محافظة ظفار، تحديدًا من ولاية ضلكوت غربًا وحتى ولاية مرباط شرقًا نتيجة هبوب الرياح الموسمية وتدفّق السحب القادمة من بحر العرب والمحيط الهندي .
ويتميز موسم الخريف بأجوائه الغائمة والممطرة بسبب كثافة السحب وانخفاض درجات الحرارة إلى أقل من 30 درجة مئوية في مدينة صلالة فيما تنخفض أكثر في المناطق الجبلية المرتفعة التي يلفها الضباب المصاحب للأمطار الخفيفة.
ولا يعد خريف ظفار كأي خريف في العالم، فالخريف في القاموس المناخي عادةً يرتبط بموسم الذبول، وانسحاب الحياة من أغصان الأشجار، أما في ظفار، فهو زمن البهاء وبداية الحياة، فما إن يطل شهر يونيو، حتى تبدأ السماء بتغيير لونها، وتتشكل الغيوم كأنها تخيط رداءً رطبًا للأرض العطشى، وتبدأ الرذاذات الناعمة في التسلل بهدوء، كما لو أن السماء تمارس طقوسًا من العشق على جبال صلالة وسهولها.

الرذاذ الذي لا ينقطع

الرذاذ في خريف ظفار ليس مجرد مطر خفيف، بل هو مزاج عام، وموسيقى خلفية تصاحب الزائر أينما ذهب، يسقط على الوجوه، فينعشها، وعلى الأشجار، فيغسلها، وعلى الصخور، فيعطيها مظهرًا زلقًا كأنها قد خرجت لتوها من نبع الحياة،و الهواء مشبع بالرطوبة، لكنه لا يخنق، بل يرقص في الرئتين برقّة، ويبعث شعورًا خفيًا بالسكينة.
وحين يتكاثف الرذاذ، يظهر الضباب كراوٍ عجوز يروي الحكايات، يغلف الجبال والطرقات، ويغمر القرى الصغيرة كأنها جزء من حلم، تتوارى القمم خلف ستار أبيض ناعم، وتصبح الأشجار كظلال متحركة في عالم خيالي. وفي كل صباح، تشهد ظفار ميلادًا جديدًا للمشهد، لا يكرّر نفسه أبدًا.

خُضرة لا تشيخ

من دلتا أتين إلى جبل سمحان، ومن سهول رخيوت إلى عيون طبرق وحمران، تنبض الأرض بالأخضر، كأنها ترتدي حلة جديدة كل يوم.. والأعشاب تنمو على الصخور، والأشجار تكبر في صمت، والوديان تمتلئ بالحياة. 
وتُعد العيون المائية من المزارات السياحية الجميلة، أبرزها "رزات وحمران وجرزيز وصحلنوت" إلى جانب العيون التي تتساقط شلالاتها إذا ازدادت كمية الأمطار خلال موسم الخريف خاصة في شهر أغسطس وأشهرها شلالات دربات وأثوم وكور وجوجب إضافة إلى شلال الحوطة بولاية رخيوت.
وفي ظفار، لا يقف البحر بعيدًا، بل يشارك الخريف احتفاله.. فالأمواج تهدر برفق، والسفن الصغيرة تلوّح بوجودها في عرض الماء. الشواطئ في صلالة تصبح مسرحًا للحياة، حيث يلتقي البحر بالخُضرة، وتتشابك الأمواج مع الأشجار في مشهد نادر. وتصبح السواحل مثل لوحات فنية مرسومة بدقة، لا يمكن تكرارها.

أهل ظفار.. طيبة الجنوب وحكايات الكرم

أما أهل ظفار، فهم جزء لا يتجزأ من سحر الخريف.. في عيونهم طيبة الجنوب، وفي وجوههم حكايات الكرم والمودة.
تستقبلك القرى الصغيرة كأنك أحد أبنائها، وتفوح من البيوت رائحة البخور والقهوة العربية، وتمتد موائد الطعام في الهواء الطلق، تحكي عن كرم لا يتوقف، حتى الأغاني الشعبية تنبعث من الراديوهات القديمة، كأنها جزء من الطقس، لا يكتمل الخريف من دونها .
خريف ظفار ليس مجرد تقلب في الطقس، بل هو حالة وجدانية، وموسم تتغير فيه المزاجات والقلوب.. يأتي كزائر خفيف الظل، لكنه يترك في القلب أثرًا لا يُمحى. من يزره مرة، لا ينساه، ويظل يحمل في ذاكرته صوت الرذاذ، وعبق البخور، وصورة الجبال المكللة بالضباب.
وحين تتحدث إلى من زار خريف ظفار، ستجد في عينيه بريقًا مختلفًا، وستشعر أنه يتحدث عن مكان مقدس، لا عن وجهة سياحية عادية. ففي ظفار، تعود الروح نقية كما كانت، ويصبح الإنسان أقرب إلى الأرض والسماء، وإلى ذاته.
وضمن فعاليات موسم الخريف.. تُقام عدة فعاليات وأنشطة تنظمها بلدية ظفار في مواقع مختلفة كالمتنزهات والحدائق وبعض المواقع الطبيعية والسياحية.




تم نسخ الرابط