جريدة تحيا مصر

اخر الأخبار
ads
سالم الحافى

سالم الحافى

إعلامنا .. و" الثعابون " !

الأربعاء 09/نوفمبر/2016 - 05:12 م
طباعة

بينما أنا في صالة الكمبيوتر التي تنفذ بها صفحات الجريدة ، إذ بي ألمح خطأ بآية قرآنية أوردها رئيس التحرير في مقاله ، فطلبت من منفذ الصفحة على الكمبيوتر تصحيحها ، وفعل ، وما إن عدت إلى البيت حتى هاتفني منزعجا نائب رئيس التحرير ، وسألني برعشة صوتية ، ظننت معها أن القيامة قامت ، لكنه قال : أنت غيّرت في مقال رئيس التحرير ؟! فأجبت بالإيجاب ، فصرخ وأرغى وأزبد ، رغم أننى نبهته أن التصحيح كان بآية قرآنية ، لكنه واصل الصراخ ، وأنا صامت ، لكني كسرت صمتي ، عندما قال : " ممكن فلان بيه " يقصد رئيس التحرير " عاوزها كده " ، وهنا جن جنوني ، وأسمع صوتي من به صمم : " لكن الله لايريدها كما كتبها رئيس التحرير "
رئيس التحرير " المعجزة" إياه .. كان يسكن في شقة مفروشة بعقل وقلب " مبارك" ، فقد كان يراه " وحيد جيله وعصره " في عالم الصحافة ، فأبقاه على عرش صحيفة قومية كبرى لأكثر من عقد من الزمان.. وكيف لا ، وهو ـ أي المعجزة ـ كان يكتب ثم يفكر .. فترى عجب العجاب في مقالته ، ولولا مراجعته ألف مرة قبل نشره من محرري قسم التصحيح ـ دراويش ورعايا صاحبة الجلالة ـ لحكم عليه القراء بالعودة لـ " كي جي تو "؛ ليتعلم حروف الهجاء ! المضحك لحد البكاء أن حظي العثر أوقعني مرات في طريق قلم هذا ـ المعجزة ـ وأنا بيني وبين الكتابة صلة رحم ، وأذوب عشقا في حلو العبارة وبراعة الفكرة وسهولة اللفظ .. وأراني كالأعرابي الذي كان في المسجد ، فلحن الوالي وهو يخطب .. فاحمرت أذن الإعرابي خجلا وأسفا .. ثم لحن الوالي ثانيا ، فقام الأعرابي وسط المسجد صارخا في وجه الوالي : " أشهد أنك ولّيت هذا الأمر قضاء وقدرا ! .. هذه علاقتي بـ" الجميلة" لغة القرآن الكريم ، فكيف سيكون حالي مع مايتقيأه " المعجزة" في وجه الورق " البريء" .. المهم ، اتصل بي رئيس التحرير ذات مرة ، وسألني بحروف حاسمة ونبرة غاضبة : " فلان الفلاني تدخل بقلمه في مقالي .. فسألته ماذا فعل .. فقال " صحح كلمة " الشياطون" إلى " الشياطين" ، وبدأ " المعجزة" يشرح لي إعراب جمع المذكر السالم ؛ وكيف أن كلمة " الشياطين" ترفع بالواو ، وعبثا حاولت أن أفهمه ، ولما فاض بي الكيل ، قالت له : ياريس " عمرك سمعت كلمة " الثعابون" فقل لي " لا" ، فأسرعت وكأني فتحت عكا : " الشياطين تماما مثل " الثعابين" !
وحدث أن مات أحد المخرجين وكان صديقا لرئيس التحرير ـ المعجزة ـ فكتب خبرا " وسوف تشيع الجنازة بعد صلاة الجمعة يوم الخميس القادم " ولما نبهته أن " صلاة الجمعة" يوم الجمعة ، فما دخل الخميس ؟!.. حولني للشئون القانونية بتهمة السخرية من " المعجزة" !
لكن ماعلاقة كل ذلك بحرية الصحافة ، والأداء المهني " الصفري" لوسائل إعلامنا خاصة برامج " التوك شو" ؟
ربما تبدو العلاقة في قول حبيبنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ " .. إذا أُسند الأمر لغير أهله فانتظر الساعة " ؛ يقول أهل العلم : إذا أسند الأمر إلي من ليس أهلا له ، فادعو الله أن يعجل بقيام الساعة ؛ لأن الأمور ستضطرب ، فالباطل يرتدي ثياب الحق ، ويتعملق الأقزام ، وتموت الأسد في الغابات جوعا ولحم الضأن تأكله الكلاب." .. باختصار ـ الثعابين ـ ستختفي لتظهر ـ الثعابون والشياطون ـ رغم أنف سيبويه " ! .
وربما تبدو العلاقة جلية عندما نعلم أن رئيس التحرير ـ المعجزة ـ ليس بدعا في وسائل إعلامنا ، فكثيرا ممن يتصدرون المشهد الإعلامي ويطلون علينا من فضائيات تمنحهم الملايين ، بدأوا معنا أول خطوة في شارع الصحافة ، وكنا نتقاسم كسرة " سندوتش الفول والطعمية " ؛ وأسارع بدفع حساب قهوتهم ؛ لعلمي بحالهم المادي ، ثم في غمضة عين وبفعل فاعل صاروا مليونيرات .. الفاعل هذا جاء بهم عن عمد ، لأنه يريد إعلاء شأن من يجيد التحدث بلغة " الشياطون" البلداء ، وصحيح أن بعضهم " شاطر" لكن طموحه قاتل ، فيتم توظيف هذا الطموح ؛ لخدمة أغراض وأهداف الفاعل "العمدة " ـ كما يقول النحويون ـ ! الخطير في الأمر أن هؤلاء أصبحوا قادة رأي ، وحراسا للبوابات الإعلامية وفي غياب درجة عالية من الوعي لدى المشاهد ، يصنعون رأيا عاما غير بصير بمصالحه ، بل يتفننون في تغييب وعي المواطن ، حجر الأساس في أي تنمية ونهضة حقيقية ! .
عطر الكلام:
حمار في الكتابة يدعيها
كدعوى آل حرب في زياد
فدع عنك الكتابة لست منها
ولو لطخت وجهك بالمداد.

إرسل لصديق

ads

تصويت

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر