جريدة تحيا مصر

اخر الأخبار
ads
سالم الحافى

سالم الحافى

إجابة " الكلب" .. نموذجية !

الخميس 20/أكتوبر/2016 - 01:08 م
طباعة
حكمت المحكمة على فلان الفلاني بالنفي إلى منطقة جبلية ، ليعيش وحيدا ذليلا خارج مدينته ، وعشيرته ، وليكون عبرة لغيره ممن يسول له شيطانه شرب الخمر ، فيراه حسنا .. وهات يسكر وعربدة ومجونا .

وبالفعل تم تنفيذ النفي على الرجل السكير ، فاتخذ من الجبل سكنا بدلا من قصره المنيف ، لكن رفقاء الكأس وزمرة العربدة لم يستطيعوا صبرا على فراق ليالي السكير الملاح ، فامتطى كل منهم سيارته الفارهة ـ عفوا ـ ظهر حمار ، قاصدا الجبل ، حيث يلتقون مع السكير ، ويشربون ويعربدون ، وقبل أن تبدأ تباشير الصباح ، يعودون من حيث أتوا .

المشهد الحميري المتجه صوب الجبل ، والعائد بصياح السكارى في جوف الليل رفع ضغط أحد السكان الذين أوقعهم حظهم العثر في طريق (شلة الأنس ) ، فاشتكى ثانية للقاضي ، وانعقد مجلس القضاء وبدأ المدعى يسرد مايراه من السكارى وما يقض مضجعه من نهيق هو أنكر الأصوات ، فكيف الحال لو اقتحم عليك هدأة الليل ؟!

وبدا أن القاضي مقتنع بكل حرف مما قاله المدعي ، لكن السكير أنكر وأقسم واتهم المدعى بأنه يتربص به ، ويكيد له ، وأن اتهامه ملفق ، وهنا صاح المدعى بأعلى صوته في قاعة المحكمة : ياحضرة القاضي : اسمع شهادة الحمير ، فهي لاتعرف الكذب ، وليس بيني وبينها أي تفاهم مسبق ، وقبل أن يرفع القاضي وكل الحضور بالمحكمة حاجب الدهشة ، فسر المدعى طلبه قائلا : أقصد ياحضرة القاضي تستطيع أن نأتي بتلك الحمير ونطلقها في الجبل ، وترى أين ستذهب ، فإن اتجهت مباشرة ناحية بيت هذا الرجل الذي يكذبني ، فهذا دليل دامغ وشهادة لاتقبل الشك على اعتياد الحمير هذه ارتياد بيت هذا الرجل ، وبالتالي صدق ماأدعيه ، وإذا فعلت الحمير العكس ، فاحكم عليّ بما تراه .

بدا القاضي مقتنعا بفكرة المدعي ، وقبل أن يأخذ بها ، تدخل المتهم قائلا : ياحضرة القاضي : أتريد أهل العراق يسمعون بذلك ، فيقولون أن القضاة في الحجاز يأخذون بشهادة الحمير ؟ !

الكلام الخبيث ، والحيلة الجهنمية ، أدارت عقل القاضي ، فأخذ برأي السكير ، ولم يأخذ بشهادة الحمير ، ليواصل السكير حياته الماجنة مع رفقاء قوافل الحمير الليلية .

المحاكمة سالفة الذكر شهدها العصر العباسي ، لكن العصر الحالي شهد محاكمة أخرى ، أخذت بشهادة الكلاب ، لكن مكان المحاكمة لم ولن تشهده لادولة عباسية ولاأموية ولاحتى أي دولة عربية .

المحكمة التي أخذت بشهادة الكلب ألمانية ، والذي حدث أن امرأة تدعى مرغريتا أوربان استأجرت شقة وفي عقد الإيجار بند يسمح لها بالاحتفاظ في الشقة بكلبها ، وحدث أن أستأجر ابنها شقة أخرى في نفس العمارة التي تسكن فيها ، ونظرا لتقدمها في السن عهدت إلى ابنها بترويض الكلب ، وهنا ثارت ثائرة صاحب العمارة، وطالب الابن بترك الشقة وفسخ عقد الإيجار الذي لايحتوي على بند ايواء كلب ، وعبثا حاول الابن أن يقنعه بأن الكلب ليس هو صاحبه ، ورفع صاحب العمارة الأمر للقضاء طالبا الابن بإخلاء الشقة ، وخلال جلسة المحاكمة طلبت السيدة مرغيريتا سماع شهادة الكلب ، وما إن جيء بالكلب حتى انطلق إليها ، وبدأ يتمسح بها وينبح برفق بجوارها ، وهنا صاحت المحكمة : براءة .. الكلب لايكذب وشهادته مقبولة ومارغريتا صح وصاحب االعمارة يكذب .
رفض شهادة الحمار ( عدم احترام الرأي) وسماع شهادة الكلب والأخذ بها ( احترام للرأي حتى ولو كان من كلب ) ، يجيبان على سؤال طاردني ومازال : لماذا تتقدم أوروبا وتتأخر أمة العرب ؟

ع
عندما يصل الأمر إلى " شماتة " أبناء الوطن الواحد في مصائب بعضهم البعض ، وعندما يتمسك كل طرف بموقفه حتى لو تأكد مليون مرة أنه يسير في الاتجاه المعاكس للمنطق ، وعندما يرفع بعضنا مبدأ : " بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ" حتى لو أثبت الواقع أن أباءهم لايعقلون شيئا ولايفقهون ، المدهش أن العند "الكافر" تجاوز المضي على نهج الآباء ، ليصل لـ "كارثة" تبني الرأي السياسي للزوج أو الرئيس في العمل أو الصديق ، حتى لو كان من يدفع ضريبة هذا التعصب الأعمى " الوطن" !
.

ل
لا تنظر إلى صغر الخطيئة ، ولكن انظر إلى عظم من عصيت .

إرسل لصديق

ads

تصويت

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر