جريدة تحيا مصر

اخر الأخبار
ads
سالم الحافى

سالم الحافى

الخطبة المكتوبة .. والخطيب المعجزة !

الإثنين 01/أغسطس/2016 - 02:10 م
طباعة
السبت:
بينما تنثر الفضائيات الملح فوق الجرح في حلقي بأخبار الدم "العربي" المسفوك على عتبات خيبتنا ، وتوابع زلزال " الدولار" التي تقض مضاجعنا .. وقبل أن ينفد نهر الصبر ، هرعت إلى ما يعيد لي الطمأنينة ، ويأخذني إلى هناك ، حيث لاعين رأت ولاخطر على قلب بشر .. فتحت كتاب الله ، فإذ بي مصادفة أمام آيات من سورة " النمل" : (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ) كعادتي ، أتتبع أقوال المفسرين ، فيما أقرأه من القرآن الكريم ، وهذا ماحدث ، فقد أخذني شيوخ وأئمة التفسير إلى مجموعة من اجتهادهم في تفسير الآيات ، وقد أفاضوا ـ عليهم سحائب الرحمة ـ قالوا : هذه بلقيس امرأة جاهلية تعبد الشمس : "قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون" لتختبر عزمهم على مقاومة عدوهم ، وحزمهم فيما يقيم أمرهم ، وإمضاءهم على الطاعة لها ، وكان في مشاورتهم وأخذ رأيهم عون على ما تريده من قوة شوكتهم ؛ ألا ترى إلى قولهم في جوابهم : نحن أولو قوة وأولو بأس شديد ، قال قتادة : كان لها ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا هم أهل مشورتها ، كل رجل منهم على عشرة آلاف " قال ابن عباس : كان من قوة أحدهم أنه يركض فرسه حتى إذا احتد ضم فخذيه فحبسه بقوته .
تعددت أقوال المفسرين ، لكنى استرحت لمن يقول " الآيات الكريمة تقرر قبل أن تعرف الدنيا نظام الحكم الحديث أن القرارات المصيرية في حياة الشعوب وعلى رأسها قرار الحرب ، يتخذه " أهل السياسة" وليس أولو القوة العسكرية والبأس الشديد" وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ" ..
وأن الآيات تؤيد الدولة المدنية ، وأن الديمقراطية حجر الأساس لأي حكم رشيد .
الأحد:
جلست مرغما استمع إليه ، وبلعت على مضض فاعله المنصوب ، ومفعوله المرفوع ، لكن الدم غلي في عروقي عندما قال الخطيب المعجزة :
ولست أبالي حين أقتل مسلما
على أي جنب كان فى مصرعي
الخطيب الجهبذ قال: (أقتل ) بفتح الهمزة ، والصحابي الشهير ، قالها والكفار حوله:( أُقتل ) بضم الهمزة ،ولو قالها بالفتح لأطلق الكفار سراحه ، لكن الصحابي قالها بالضمة ، لعلمه أن الضمة تجعله شهيدا ، والفتحة قد تذهب بقائلها عن قناعة إلي الجحيم .
كنت استمع "المعجزة" وأنا خارج المسجد ، ولما داس على أنف سيبويه ألف مرة ، قررت رؤية هذا "المعجزة"؛ فدخلت المسجد ، وبدأت أتخطى الصفوف بمشقة ، إلى أن اقتربت لمسافة تجعل " المعجزة" في مرمى نظارتي ، وعندما أبصرته ، سقطت منى ابتسامة ذابلة ؛ فقد كان يقرأ الخطبة من ورقة !
" المعجزة" هذا لاحرج عليه ، لكن الحرج كله على من أعطاه ورقة ، وطلب منه أن يقرأها ، مجرد قراءة ، يعنى أي شخص ـ يفك الخط ـ يؤديها بكل بساطة ، وزمان قبل مولد الخطبة المكتوبة ، تغيب خطيب الجمعة في قريتنا ، فأتوا بخطبة مطبوعة ، وانبرى ـ واحد من جهابذة فك الخط إياه ـ وصعد المنبر ، ومرت الدقائق ثقيلة على عشاق لغتنا الجميلة ، لكن مازلنا نتندر على " خطيب فك الخط" ، فقد قال في الدعاء : " اللهم كن علينا ولاتكن لنا " فإذ بـ " آمين" ترج المسجد ، ولما خرج من المسجد ،عاتبناه ؛ فأخرج الخطبة المكتوبة ، وقال وهو يشير فيها إلى الدعاء الذي ردده ، فقد كان هناك خطأ مطبعي ، لكن تقول إيه في "المعجزة".
الإثنين:
بلغ أمر عِظم اللحْن عند السلف أنهم كانوا يدعون على مَن لحن بحضرتهم؛ فقد تكلَّم أبو جعفر المنصور في مجلس فيه أعرابي، فلحن، فصر الأعرابي أذنيه - يعني: نصبها للاستماع - فلحن مرة أخرى أعظم من الأولى، فقال الأعرابي: أفٍّ لهذا، ما هذا؟ ثُم تكلم، فلحن الثالثة، فقال الأعرابي: أشهد أنك ولِّيت هذا الأمر بقضاءٍ وقدَرٍ.
الثلاثاء:
لو تمنيت منهجا دراسيا ؛ لأسرعت أرشح بعض كتبه ، إنه العملاق الأزهري الشيخ محمد الغزالي ؛ فمازلت أسمعه يقول : "
لو أن إنسانا سهر الليل في قراءة القرآن ثم أصبح يفتح دكانه متكاسلا ويعرض بضاعته متواكلا ، فهذا الرجل يخون الإسلام ؛ لأن ضياع التجارة الإسلامية ضياع للإسلام نفسه .. ولو أن المسلمين الأوائل جلسوا في المسجد ليل نهار وهم يرددون : "قدوس ، قدوس ، سبوح سبوح " ماخرج الإسلام من المسجد ، لكنهم فهموا حقيقة الإسلام ، فكونوا جيشا زحف إلى دولة الروم ، ولنستمع بتأن إلي ابن خلدون وهو يصور كيف فهم المسلمون الأوائل الاسلام ، يقول : "لما استقر الملك للعرب ، وشمخ سلطانهم ، وصارت أمم العجم خولا لهم وتحت أيديهم تعلموا فنون البحر ، فأخذوا يصنعون السفن وشحنوا الاساطيل بالرجال والسلاح "
إن هذا النبوغ البحري لأمة صحراوية لامرجع له إلا تعاليم الاسلام ، فقد كان العرب يعيشون في أرضهم ، فلما جاء الاسلام سمي المحيط الهندي من ناحيتهم ببحر العرب.
الأربعاء :
سألني : من داعش ؟
فأجبت: توصلت الأجهزة الأمنية في العراق أن ضابطا سمح لسيارة مفخخة بالمرور مقابل 300 ألف دولار ، والنتيجة 300 قتيل في انفجار بمنطقة "الكرادة" .. بالله عليك لو أن أعداءنا أرادوا قتل هذا العدد منا بوساطة جيوشهم ، فكيف تكون التكلفة ، وماذا سيقولون عن قيمهم الديمقراطية وعدم التدخل في الشأن الداخلي ورعايتهم للسلام العالمي .. ؟ لكن 300 ألف دولار تكفي لذبحنا بسكين غبائنا !
الخميس :
طرت في مشوار سريع لبيت صديقي الصدوق جحا ، فرأيته وقد جلس يتسامر مع زوجتيه ، وطاب لهما أن تحرجاه ، فسألتاه : أيهما أحب إليه ؟
قال : أنتما معا حبيبتان إلى قلبي
قالتا : لا ، إنك لاتستطيع أن تضحك منا بهذه المراوغة ، وأمامك هذه البركة ، نخيرك إغراق إحدانا بها ، فمن منا تلقي بها في الماء الآن ؟
حار في أمره هنيهة ، ثم التفت إلى الزوجة الأولى وقال لها : أذكر أنك تعلمت السباحة قديما ياعزيزتي
الجمعة:
( من استعمل رجلا على عصابة ـ أي جماعة ـ وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين) حديث شريف .

إرسل لصديق

ads

تصويت

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر