ads
الثلاثاء 12 أغسطس 2025 الموافق 18 صفر 1447
تحيا مصر تحيا مصر
رئيس مجلس الإدارة
سامح جابر
ads

الإتحاد المصرى للتأمين يرصد مستقبل الوظائف في ظل تصاعد الذكاء الإصطناعي

تحيا مصر

يشهد العالم تحولات جذرية وسريعة في مختلف جوانب الحياة، مدفوعة بالتقدم التكنولوجي المتسارع، وعلى رأسها صعود الذكاء الاصطناعي (AI). لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد مفهوم مستقبلي، بل أصبح واقعًا ملموسًا يعيد تشكيل الصناعات، ويغير طريقة عملنا، ويؤثر بشكل عميق على سوق العمل العالمي. تثير هذه الثورة التكنولوجية العديد من التساؤلات حول مستقبل الوظائف: هل سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى بطالة جماعية؟ أم سيخلق فرصًا جديدة تتطلب مهارات مختلفة؟ وما هي التحديات والفرص التي يفرضها هذا التحول على الأفراد والمؤسسات والحكومات؟
مفهوم الذكاء الاصطناعي وتطوره
الذكاء الاصطناعي (AI) هو فرع من علوم الحاسوب يركز على تطوير أنظمة وبرامج تحاكي القدرات الذهنية للبشر، مثل التعلم، والاستنتاج، والتفكير، ورد الفعل، واتخاذ القرارات، والإدراك، حتى في مواقف لم يتم برمجتها أو تدريبها عليها. يُعرف الذكاء الاصطناعي أيضًا بأنه قدرة النظام على تفسير البيانات الخارجية بشكل صحيح، والتعلم من هذه البيانات، واستخدام تلك المعرفة لتحقيق أهداف ومهام محددة من خلال التكيف المرن.
بدأ مفهوم الذكاء الاصطناعي بالظهور في منتصف القرن العشرين، عندما طرح عالم الرياضيات آلان تورينغ سؤالًا شهيرًا: "هل تستطيع الآلة التفكير؟". تم استخدام مصطلح "الذكاء الاصطناعي" لأول مرة في مؤتمر دارتموث عام 1956. ومنذ ذلك الحين، شهد المجال تطورات كبيرة، خاصة مع التقدم في علم الأعصاب، ونظرية المعلومات الرياضية، وتطور علم التحكم الآلي، واختراع الحاسوب الرقمي. في الستينيات، بدأت الأبحاث في الذكاء الاصطناعي تتلقى تمويلًا سخيًا، وظهرت برامج قادرة على حل مسائل الجبر وإثبات النظريات المنطقية والتحدث باللغة الإنجليزية.
يستخدم الذكاء الاصطناعي اليوم في مجالات متعددة، منها:
o الطب: التشخيص الطبي، تطوير الأدوية، الجراحة الروبوتية.
o الصناعة:  الروبوتات الصناعية، تحسين سلاسل الإمداد.
o التعليم: أنظمة التعلم المخصصة، المساعدات التعليمية الذكية.
o الاتصالات: الترجمة الآلية، المساعدات الصوتية، تحليل المشاعر.
o البرمجة: تطوير الأكواد، اكتشاف الأخطاء البرمجية.
o الأمن السيبراني: كشف التهديدات، تحليل السلوكيات المشبوهة.
o السيارات ذاتية القيادة: القيادة الذاتية، أنظمة المساعدة المتقدمة للسائق.
o الخدمات المالية: تحليل البيانات المالية، كشف الاحتيال، التداول الآلي.
o خدمة العملاء: روبوتات الدردشة، أنظمة الرد الآلي.
بفضل التقدم في تقنيات تعلم الآلة والشبكات العصبية العميقة، أصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على أداء مهام كانت في السابق حكرًا على البشر، مما يجعله أحد أبرز تقنيات الثورة الرقمية.
تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل
يُعد تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل موضوعًا معقدًا ومتعدد الأوجه، حيث يثير مخاوف بشأن فقدان الوظائف، ولكنه في الوقت نفسه يخلق فرصًا جديدة ويغير طبيعة الوظائف الحالية.
الوظائف المهددة بالذكاء الاصطناعي 
يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على ميكنة المهام الروتينية والمتكررة، مما يهدد عددًا من الوظائف. من أبرز الوظائف المهددة بالانقراض أو التي ستشهد تراجعًا كبيرًا بسبب الذكاء الاصطناعي ما يلي:
•وظائف التصنيع: الروبوتات الصناعية والأنظمة الآلية قادرة على أداء مهام التصنيع بكفاءة أعلى.
•وظائف إدخال البيانات: المهام التي تتطلب إدخال البيانات ومعالجتها بشكل متكرر.
•خدمة العملاء الروتينية: روبوتات الدردشة والمساعدين الافتراضيين يمكنهم التعامل مع الاستفسارات المتكررة.
•وظائف المحاسبة والإدارة: المهام الروتينية في المحاسبة والإدارة يمكن ميكنتها.
•وظائف النقل: مثل سائقي الشاحنات والمركبات، مع تطور السيارات ذاتية القيادة.
•المدققون اللغويون والعاملون في المونتاج: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقوم بمهام التدقيق اللغوي والمونتاج بشكل أسرع وأكثر دقة.
•كتابة المحتوى والترجمة: بعض أنواع كتابة المحتوى والترجمة يمكن أن تتم بواسطة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
الوظائف الجديدة التي يخلقها الذكاء الاصطناعي
على الرغم من المخاوف من فقدان الوظائف، فإن الذكاء الاصطناعي يخلق أيضًا فرص عمل جديدة في مجالات لم تكن موجودة من قبل. من المتوقع أن يخلق الذكاء الاصطناعي ملايين الوظائف الجديدة بحلول عام 2030. 
وتشمل هذه الوظائف:
•متخصصو البيانات والذكاء الاصطناعي: علماء البيانات، مهندسو تعلم الآلة، خبراء أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، مطورو الذكاء الاصطناعي.
•خبراء الأمن السيبراني والخصوصية الرقمية: مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا، يزداد الطلب على حماية البيانات والشبكات.
•مديرو الاستدامة والحوكمة البيئية والاجتماعية (ESG): مع تزايد اهتمام الشركات بالمعايير البيئية والاجتماعية.
•متخصصو الرعاية الصحية وعلوم الحياة: تطوير حلول صحية قائمة على الذكاء الاصطناعي.
•مهندسو الروبوتات: تصميم وتطوير الروبوتات للعديد من الصناعات.
•محللو البيانات الضخمة: تحليل كميات هائلة من البيانات لاستخلاص الرؤى.
•مديرو عمليات الذكاء الاصطناعي: الإشراف على تنفيذ وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي في الشركات.
تغير طبيعة الوظائف الحالية 
بدلاً من اختفاء الوظائف بالكامل، سيقوم الذكاء الاصطناعي بتغيير طبيعة العديد من الوظائف الحالية. سيتم ميكنة المهام الروتينية، مما يسمح للعاملين بالتركيز على المهام التي تتطلب مهارات بشرية فريدة مثل التفكير النقدي، والإبداع، وحل المشكلات المعقدة، والتفاعل الاجتماعي. هذا التحول يتطلب من القوى العاملة إعادة تأهيل وتطوير مهاراتهم باستمرار للتكيف مع المتطلبات الجديدة لسوق العمل.
- المهارات المطلوبة في المستقبل
مع التغيرات التي يحدثها الذكاء الاصطناعي في سوق العمل، تبرز الحاجة إلى تطوير مهارات جديدة والتكيف مع المتطلبات المتغيرة. يمكن تقسيم المهارات المطلوبة في المستقبل إلى فئتين رئيسيتين:
أ. المهارات التقنية
تعتبر المهارات التقنية أساسية للتعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها. من أهم هذه المهارات:
- البرمجة: وخاصة لغات البرمجة المستخدمة في الذكاء الاصطناعي مثل Python.
- تحليل البيانات الضخمة: القدرة على جمع، تحليل، وتفسير كميات هائلة من البيانات لاستخلاص الرؤى.
- تعلم الآلة (Machine Learning) والتعلم العميق (Deep Learning): فهم كيفية بناء وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
- الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI): القدرة على استخدام وتطوير النماذج التي تولد محتوى جديدًا (نصوص، صور، أكواد).
- الأمن السيبراني: حماية الأنظمة والبيانات من التهديدات السيبرانية المتزايدة.
- الروبوتات والميكنة: فهم كيفية تصميم وتشغيل وصيانة الأنظمة الروبوتية.

ب. المهارات الشخصية 
على الرغم من أهمية المهارات التقنية، فإن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه محاكاة جميع القدرات البشرية. لذا، تزداد أهمية المهارات الشخصية التي تميز الإنسان.و من أبرز هذه المهارات:
- التفكير النقدي وحل المشكلات المعقدة: القدرة على تحليل المواقف المعقدة واتخاذ قرارات مستنيرة.
- الإبداع والابتكار: توليد أفكار جديدة وحلول مبتكرة للمشكلات.
- التعلم المستمر والقدرة على التكيف: الاستعداد لاكتساب مهارات جديدة والتكيف مع التغيرات السريعة في سوق العمل.
- الذكاء العاطفي : القدرة على التعاطف وبناء علاقات إيجابية مع الآخرين.
- التواصل والتعاون: القدرة على العمل بفعالية و التواصل ضمن فرق عمل متنوعة .
- القيادة: القدرة على توجيه الفرق وتحفيزها في بيئة عمل متغيرة.
- أهمية إعادة التأهيل والتدريب المستمر
للتكيف مع مستقبل الوظائف، يصبح إعادة التأهيل (Reskilling) والتدريب المستمر (Upskilling) أمرًا حتميًا. لذا يجب على الأفراد والمؤسسات والحكومات الاستثمار في برامج التدريب التي تساعد العاملين على اكتساب المهارات الجديدة المطلوبة، وتحويل مساراتهم المهنية إذا لزم الأمر. و يضمن هذا أن تظل القوى العاملة ذات قدرة على التنافسية في عصر الذكاء الاصطناعي.
التحديات والفرص
يفرض الذكاء الاصطناعي مجموعة من التحديات والفرص على سوق العمل، تتطلب استجابات استراتيجية من الأفراد والمؤسسات والحكومات.
التحديات
•البطالة التكنولوجية: وهي فقدان الوظائف بسبب التغير التقني، حيث تحل الميكنة والذكاء الاصطناعي محل المهام البشرية. على الرغم من أن بعض الدراسات تشير إلى أن هذه البطالة قد تكون مؤقتة وتؤدي إلى زيادة الطلب على القوى العاملة على المدى الطويل، إلا أنها تثير مخاوف بشأن التحولات في سوق العمل.
•الفجوة في المهارات: مع ظهور وظائف جديدة وتغير طبيعة الوظائف الحالية، تنشأ فجوة بين المهارات التي يمتلكها العمال والمهارات المطلوبة في سوق العمل. يتطلب ذلك استثمارات كبيرة في برامج إعادة التأهيل والتدريب المستمر.
•العدالة الاجتماعية والمساواة: هناك مخاوف بشأن التحيز في خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على التوظيف والترقيات.
•الأمن السيبراني وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي: مع تزايد الاعتماد على الأنظمة الذكية، تزداد مخاطر الهجمات السيبرانية. كما تثير قضايا أخلاقية تتعلق بالخصوصية، والمسؤولية، والتحكم في الأنظمة الذكية.
الفرص
•زيادة الإنتاجية والكفاءة: يعزز الذكاء الاصطناعي الإنتاجية البشرية من خلال ميكنة المهام الروتينية، مما يسمح للعمال بالتركيز على المهام ذات القيمة المضافة العالية. هذا يؤدي إلى زيادة الكفاءة في مختلف القطاعات.
•ابتكار فرص عمل جديدة: على الرغم من فقدان بعض الوظائف، يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى ابتكار وظائف جديدة تمامًا في مجالات مثل تطوير الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني، وإدارة الأنظمة الذكية.
•تحسين جودة الحياة: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في تحسين جودة الحياة من خلال تطوير حلول مبتكرة في مجالات مثل الرعاية الصحية، والنقل، والتعليم، مما يوفر خدمات أفضل وأكثر كفاءة.
•الابتكار والنمو الاقتصادي: يدفع الذكاء الاصطناعي عجلة الابتكار في مختلف الصناعات، مما يؤدي إلى تطوير منتجات وخدمات جديدة، ويساهم في النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
إحصائيات وتوقعات حول مستقبل الوظائف في ظل الذكاء الاصطناعي
تتعدد الدراسات والتقارير التي تتناول تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، وتقدم إحصائيات و توقعات متباينة تعكس تعقيد الظاهرة وتعدد العوامل المؤثرة. ومع ذلك، تتفق معظم هذه التقارير على أن الذكاء الاصطناعي سيحدث تحولاً كبيراً في طبيعة الوظائف والمهارات المطلوبة.
تقارير عالمية وتوقعات رئيسية
صندوق النقد الدولي (IMF)
  يشير تحليل صادر عن صندوق النقد الدولي إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يؤثر على 40% من الوظائف على مستوى العالم 
  في دول الاقتصادات المتقدمة من المرجح أن يؤثر الذكاء الاصطناعي على نسبة أكبر من الوظائف تصل إلى حوالي 60% في نصف هذه الحالات، يمكن للعمال الاستفادة من تكامل الذكاء الاصطناعي لتعزيز إنتاجيتهم. أما في الحالات الأخرى، فقد يؤدي إلى انخفاض الطلب على العمالة، مما يؤثر على الأجور، وقد يصل إلى إلغاء الوظائف.
 في المقابل، يتوقع الصندوق أن تؤثر هذه التكنولوجيا على 26% فقط من الوظائف في الدول منخفضة الدخل ، ويرجع ذلك إلى نقص البنية التحتية والقوى العاملة الماهرة اللازمة للاستفادة الكاملة من فوائد الذكاء الاصطناعي، مما يزيد من خطر تفاقم عدم المساواة بين الدول.
:World Economic Forum(المنتدى الاقتصادي العالمي .
وفقاً لتقرير مستقبل الوظائف 2025 الذي أصدره المنتدى من المتوقع أن يؤدي التحول الهيكلي لسوق العمل بسبب الذكاء الاصطناعي إلى خلق وظائف جديدة تعادل 14% من إجمالي العمالة الحالية. أي 170 مليون وظيفة .
ومع ذلك من المتوقع أن يقابل هذا النمو إزاحة ما يعادل 8%من إجمالي العمالة الحالية أو 92 مليون وظيفة ، مما يؤدي إلى نمو صافي بنسبة 7% من إجمالي العمالة، أو 78 مليون وظيفة .
كما أشار التقرير إلى أن نصف أصحاب العمل في العالم يخططون لإعادة توجيه أعمالهم طلباً للفرص الجديدة التي تأتي




تم نسخ الرابط