جريدة تحيا مصر

اخر الأخبار
ads

ثقافة

ذاكرة الكتب .. عبد الرحمن الشرقاوى وكتابه «محمد رسول الحرية»

الإثنين 08/مارس/2021 - 11:32 ص
تحيا مصر
طباعة
بوابة تحيا مصر



كان الكاتب عبد الرحمن الشرقاوى موسوعيا كما ضرب بسهم فى أكثر من مجال من مجالات الكتابة، فكان من أوائل من كتبوا قصيدة التفعيلة، وكتب الرواية وكانت رواية الأرض هى أشهرها، وتمت ترجمتها للسينما فى فيلم من إخراج يوسف شاهين، كما كان الشرقاوى ممن دشنوا لمسرح شعرى جديد، فكتب العديد من المسرحيات الشعرية، وفضلا عن كل ما تقدم فقد كتب فى التاريخ الإسلامى بقلم مختلف وبزوايا تناول حداثية، كان الملمح الإنسانى هو الأبرز، وكانت مسرحياته وطنية وإسلامية، ومنها «الحسين ثائرا والحسين شهيدا»، ومسرحية «مأساة جميلة»، وفى مجال التراجم الإسلامية، قدم كتبًا مهمة أولها «محمد رسول الحرية»، و«الصِّديق أول الخلفاء»، و«الفاروق عمر»، و«عمر بن عبدالعزيز»، وقدمها على نحو مختلف عن سابقيه فى ذات المجال، أمثال العقاد وطه حسين وعبدالحميد جودة السحار، حيث تناول السِّيَر الإسلامية من جانب إنسانى وعبر طرح درامى سردى.
وكانت دار الشروق قد أعادت طبع معظم كتبه، وبالأخص التى أحدثت جدلا ومنها كتابه «محمد رسول الحرية» وكان قد سبق هذا الكتاب كتب أخرى عن النبى محمد، لأدباء آخرين، ومنها «حياة محمد»، لمحمد حسين هيكل، و«عبقرية محمد» للعقاد، و«الشيخان» لطه حسين، وغيرها، غير أن الشرقاوى لم يمض على نهج سابقيه فى هذه السيرة، فقد صور على نحو درامى وأدبى مشاهد متتابعة لسيرة النبى الإنسان، من الطفولة إلى المراهقة، ثم زيجاته، ومرحلة تلقيه الوحى، وغيرها، دون أن يحيد عن حقائق التاريخ، لكنه يسرد السيرة فى مواقف ومشاهد وتفاصيل نعيشها مع بطلها، فيتحقق للعمل التجسيد الإنسانى للشخصية، ولذا أشاد طه حسين والعقاد بالكتاب.

وكانت الضجة التى أثارها كتاب عبدالرحمن الشرقاوى «محمد رسول الحرية» هائلة إثر صدور طبعته الأولى سنة 1962، ولاقى هجوما كبيرا، منذ نشره مسلسلا بجريدة «المساء» أوائل الستينيات، واشتد الجدل حوله فى السبعينيات، ووجهت للشرقاوى الكثير من التهم لدرجة مطالبة بعض المتشددين بإعدامه وإحراق كتبه، ورأى بعض رجال الدين فى الكتاب خروجا عن المتداول والمستقر بأن عظمة الرسول تدلل عليها معجزاته وليست إنسانيته أو تعامله مع الناس، ونسوا أن الصحابة كانوا يسألونه بين أمر وآخر بقولهم: «أهو الرأى أم الوحى؟»، أى أنه كان يقبل بالرأى والرأى الآخر، فضلا عن مقولته الشهيرة: «أنتم أعلم بشؤون دنياكم»، ولم يقل أنا النبى وعليكم بالطاعة العمياء لأوامرى.

وترامت أصداء الأزمة إلى مسامع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وسأل محمود شلتوت، شيخ الأزهر، وقتها، عن الكتاب، فأبدى إعجابه به، فصرح عبدالناصر بتداوله والإفراج عنه، وكان من أشد ما أخذه المعارضون على كتاب «الشرقاوى» هو فصله الوحى عن النبوة، ورفضوا الطريقة التى ذكرها الكاتب لنزول الوحى، واعترضوا على منهج المؤلف الذى تجلى بوضوح فى العنوان الجانبى الذى يلى العنوان الرئيسى: «إنما أنا بشر مثلكم»، حيث البطولة عند الشرقاوى للإنسان، فالمكتبة العربية زاخرة بعشرات ومئات الكتب، لكن، وفق قوله، أراد أن يصور قصة إنسان اتسع قلبه لآلام البشر ومشكلاتهم وأحلامهم، وكوّنت تعاليمه حضارة زاهرة خصبة، أغنت وجدان العالم كله لقرون طويلة، ذلك أن هذا الإنسان العظيم يتجاوز العصور والأمكنة، ويمثل نموذجا فذا ومثلا أعلى للباحثين عن قيم البطولة المبشرة بالعدالة والحرية والسلام والحب والرحمة، والمساواة والمستقبل الأفضل للبشر جميعا باختلاف الديانات والأجناس واللغات والثقافات، بمعنى أن الكتاب ليس موجها إلى المسلمين وحدهم، لكن لسائر البشر والأجناس للتدليل على عبقرية النبى وإنسانيته وعقلانيته وتسامحه.

إرسل لصديق

أخبار تهمك

ads

تصويت

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

الأكثر قراءة

المزيد

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر