جريدة تحيا مصر

اخر الأخبار
ads
أبو بكر أبو المجد

أبو بكر أبو المجد

سيادة القانون إحدى أسرار النهضة في أوزبكستان

الإثنين 24/أكتوبر/2016 - 03:59 م
طباعة

العدل أساس الملك، والعدالة أساس وحدة المجتمع ودعم الانتماء، والتأسيس لنهضة حقيقية يشارك فيها جميع أبناء الأمة.
ولم تكن أوزبكستان بدعا في ذلك، حيث وضعت الدولة الجديدة نصب عينيها بناء دولة القانون، لأن سيادة القانون هو الضمانة للمجتمع مدنى صحي، يملؤه العدل ويحفظ حقوق الجميع.
وعبر ربع قرن، ومنذ الساعات الأولى لاستقلالها والقيادة الأوزبكية تسير عملية تحرير النظام القانونى والاقتصادي، ودمقرطة وتحديث الدولة، ويتواصل تنفيذ هذه العمليات فى أوزبكستان مرحليا بصورة مترابطة، آخذا فى الاعتبار الخصائص القومية والتجارب الدولية الرائدة، والقابلة للتطبيق داخل البيئة الأوزبكية بتنوعها الثقافي والعرقي والديني.
إصلاحات قانونية
صدر القانون الأول "حول القضاء" فى الثانى من سبتمبر عام 1993، وفق المبادئ العامة المعترف بها عالميا، كقرينة البراءة، والحق فى الدفاع، والمنافسة والشفافية فى المحاكمة، وغيرها من المبادئ الأخرى، التى جرى تطويرها لاحقا، والمتمثلة فى الإجراءات الجنائية الجديدة، والمدنية، وغيرها من المواثيق التشريعية للجمهورية.
وفى تلك المرحلة من الإصلاحات، تم وضع الأسس التشريعية لإجراءات المحاكمة، والاستقلال الفعلى للنظام القضائى الحر.
وفى 30 من أغسطس لعام 1995، تم تأسيس المحكمة الدستورية فى البلاد، لضمان توافق تشريعات السلطتين التشريعية والتنفيذية مع القانون الرئيسى للبلاد.
وفى سياق التطوير المستمر، جرى إقامة منظومة المحاكم الاقتصادية، والتى فى ظل ظروف الانتقال إلى اقتصاد السوق، صارت تمثل عاملا هاما لضمان سيادة القانون فى العلاقات الاقتصادية، وكذلك المحاكم ذات الاختصاصات العامة، كما جرى التوسع فى القاعدة التشريعية للنظام القضائى- الحقوقى.
وتمثلت الخطوة الهامة فى تحرير النظام القضائى، فى إقرار الصياغة الجديدة للقانون "حول المحاكم"، الصادر فى الرابع عشر من ديسمبر لعام 2000، والذى طُبقت فيه التجربة المتراكمة عبر سنوات الاستقلال حول إصلاح النظام القضائى- الحقوقى.
وطبقا لتلك التشريعات، فقد جرى خلق الآليات اللازمة لتحقيق المبدأ الدستورى فى الفصل بين السلطات واستقلال القضاء باعتباره فرعا مستقلا كاملا من فروع السلطة، وإخراج النظام القضائى تماما من الرقابة والتأثير للأجهزة التنفيذية.
وبالإضافة إلى هذا، فقد تم ترسيخ وضع المحاكم المتخصصة فى القضايا الجنائية والمدنية والاقتصادية، وكذلك تطبيق إجراءات الاستئناف فى القضايا المنظورة، وإجراء الإصلاحات فى محاكم النقض.
ومن خلال التطبيق الفعلى فى الحياة ظهرت صحة ذلك القرار، حيث أن المحاكم المتخصصة قد ضمنت النهوض بكفاءة النظر فى القضايا وتعزيز ضمانات حقوق وحريات المواطنين، كما تجدر الإشارة إلى اشتمال قانون المحاكم أيضا على مسألة اختيار الكوادر القضائية وأوضاعهم.
وبهدف تعزيز استقلال السلطة القضائية، والأسس الديمقراطية لتشكيل الكوادر الاحتياطية، وشفافية الاختيار وتوصيات الترشح لمناصب القضاة، وضمان الاستقرار والفاعلية لعمل الهيكل القضائى، تم فى البلاد تشكيل اللجنة العليا المؤهلة للاختيار والترشيح لمناصب القضاة، التابعة لرئيس جمهورية أوزبكستان، ووضع الآلية البديلة لحل النزاعات باعتبارها "الدائرة القضائية للتحكيم".
إضافة إلى ذلك، فقد تم تحديد الحد الأدنى لعمر المُشرع، وذلك للأفراد المُعينين لأول مرة فى منصب القضاة فى محاكم المناطق الواقعة بين الأقاليم، والمدن، وتعزيز المتطلبات المؤهلة للإعداد الوظيفى الخاص بهم، والضمانات الحقوقية والاجتماعية الضرورية لاستقلال القضاء، وضمان الوضع الاجتماعى للعاملين فى الأجهزة القضائية.
وبالتزامن مع تطوير النظام القضائى، تمضى الإصلاحات العميقة داخل منظومة وزارة العدل، والداخلية، والنيابة العامة، وفى غيرها من المؤسسات القانونية، المنوط بها تطبيق القانون والنظام الحقوقى فى المجتمع.
فطبقا للمواد 43، و44، و116، يضمن دستور جمهورية أوزبكستان، لكل مواطن توفير الحماية القضائية للحقوق والحريات، وحق التظلم فى المحاكم من الأعمال غير المشروعة للأجهزة الحكومية، والمسئولين، والاتحادات العامة، والحق فى الحصول على العون القانونى المهنى فى كل مراحل التحريات والتقاضى.
وفى هذا الإطار، فقد صار تعزيز مؤسسة الدفاع، يمثل أحد أولويات التنفيذ المستمر للإصلاحات القضائية- الحقوقية، التى تصب نحو الضمان الشامل للحماية الفعالة لحقوق وحريات الإنسان.
كما تم تأسيس المؤسسات المدنية والاجتماعية مثل: مفوضية حقوق الإنسان، وكذلك المركز القومى لحقوق الإنسان، وعدد من المؤسسات الأخرى.
كذلك تم توفير الكوادر المؤهلة القادرة على تقديم العون القانونى بكفاءة فى الدولة، الأمر الذي يمثل الضمانة للتعايش المتناغم للمجتمع ككل، ولتنويره قانونيًا وديمقراطيًا.
وعبر سنوات الاستقلال، أصبح الاتجاه الأهم فى تطوير الإجراءات الجنائية للتقاضى، يتمثل فى تحرير وأنسنة ودمقرطة التشريعات الجنائية وتشريعات الاجراءات الجنائية.
وهكذا، تم تقليص عدد الجرائم الخطيرة، وأسفر هذا عن تحول حوالى 75% من فئة الجرائم الأخطر والخطيرة إلى فئة أدنى من الجرائم الأقل خطورة.
واستمرارا للتطوير، تم فى 27 من أغسطس لعام 2004، التطبيق العملى فى مجال الممارسة القضائية لمبدأ التصالح بصورة فعالة، والذى بمقتضاه لا تقام الدعوى الجنائية على الأشخاص مرتكبى الفعل الجنائى الذى لا يمثل خطورة اجتماعية كبرى، مع دفع التعويض الكامل للأضرار المادية والمعنوية التى لحقت بالضحايا.
وقد تجسدت فاعلية هذا المبدأ وتطابقه مع تقاليد الشعب الأوزبكى التى تعود لقرون عديدة، فى القدرة على التسامح والمغفرة، وصارت تمثل القاعدة للتوسع المستمر فى تطبيقه.
وفي الأول من يناير لعام 2008، كان الشعب الأوزبكي على موعد مع الخطوة الأهم فى تحرير التشريعات الجنائية عبر إلغاء عقوبة الإعدام. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أعلى عقوبة يمكن تطبيقها وهى السجن مدى الحياة، والتى لا تستخدم سوى فى حالتين فقط من أنواع الجرائم، وهما الإرهاب والقتل العمد مع الترصد، وصار من الممكن استبدالها بالعقوبات البديلة الأقل حدة، وهذا النوع المذكور من العقوبات لا يجوز تطبيقه فى البلاد على النساء، وعلى مرتكبى الجرائم دون الثامنة عشرة من العمر، والرجال الذين تجاوزوا الستين.
وقد تميزت المرحلة الجديدة فى ضمان الحماية الكاملة للحقوق والحريات الإنسانية فى أوزبكستان، بالمبدأ الذى وضعه قائد الدولة الزعيم الراحل إسلام كريموف، والخاص بالتعميق المستمر للإصلاحات الديمقراطية وتشكيل المجتمع المدنى فى البلاد.
وتتضمن وثيقة ذلك البرنامج تحديد حزمة من التدابير الخاصة بالتوسع فى مجال استخدام مبدأ "هابياس كوربوس" (Habeas Corpus)، والتطوير المتواصل لآليات ضمان الاستقلالية، والموضوعية والنزاهة للمحاكم، وتعزيز التنافسية فى العملية القضائية، وتحرير التشريع الجنائى، والنهوض بمستوى الثقافة الحقوقية للمواطنين.
وفى سياق تنفيذ المهام التى قررها رئيس أوزبكستان الراحل، جرى تطوير المعايير الحقوقية الدولية فى التشريعات القومية وتحسين تطبيقها على أرض الواقع.
وقد ساهم التعاون الدولى مع برنامج التنمية التابع لمنظمة الأمم المتحدة، ومع منظمة الأمن والتعاون الأوروبية، وغيرهما من المنظمات الدولية الأخرى في تحقيق ذلك الأمر. كما يتطور بصورة حيوية الحوار القائم مع الاتحاد الأوروبى، وتم تنفيذ عدد من المشروعات المشتركة فى دعم التحولات فى المجال القضائى- الحقوقى.
وقد ارتهن تحقيق الإصلاحات فى المجال المذكور، بالتنمية الاجتماعية- الاقتصادية لأوزبكستان المستقلة، وبالخطوات الملموسة التى تم قطعها فى طريق الملكية الخاصة والاستثمار الخاص فى البلاد.
كما أن المرسوم الصادر عن رئيس جمهورية أوزبكستان فى الخامس عشر من مايو لعام 2015، "حول التدابير الخاصة بتوفير الحماية المضمونة للملكية الخاصة والبيزنس الصغير والاستثمارات الخاصة، وإزالة الحواجز المعوقة لتطورها السريع"، يصب نحو النهوض بالمسئولية بما فيها الجنائية، والتى يتحملها المسئولون فى الدولة، والأجهزة القانونية والرقابية، فى إعاقة الأنشطة الاستثمارية والتدخل غير المشروع فى أعمالها، وانتهاك حقوق الملاك فى القطاع الخاص.
ويمثل القانون فى شموله إصلاحا للتشريع الجنائى فى الجمهورية نحو تحريره، وذلك من خلال تطبيقه لعدد من المعايير الحقوقية الدولية.
وعلى وجه الخصوص جرى الأخذ فى الاعتبار بمعايير اتفاقية الأمم المتحدة ضد الفساد، فتم ترسيم قانون المسؤولية عن جرائم الفساد فى القطاعين الخاص والحكومى.
كما يمثل إقرار وتطبيق قانون "الرقابة البرلمانية" فى الحادى عشر من أبريل لعام 2016، انجازا هاما ضمن التحولات الديمقراطية للنظام القضائى- الحقوقى لجمهورية أوزبكستان.
وفى السياق نفسه، فإن الرقابة البرلمانية تشمل مجال عمل الأجهزة النيابية، مما يساهم بالنهوض بفاعلية عملها فى ضمان سيادة القانون وتطبيقه فى البلاد، وفى حماية حقوق وحريات المواطنين، ومصالح المجتمع والدولة.
على هذا النحو، فإن الإصلاحات القضائية- الحقوقية فى أوزبكستان، قد عززت القاعدة الخاصة بالدولة المستقلة الشابة، التى تمضى فى طريق التطور نحو الديمقراطية، باعتبارها عضوا كامل الحقوق فى المجتمع الدولى. وقد صارت نتائج تلك الإصلاحات تمثل ضمانة من ضمانات السلم والاستقرار والتقدم والازدهار، والأهم من ذلك ضمانة- لرفاهة وسعادة كل مواطن من مواطنى جمهورية أوزبكستان.

إرسل لصديق

ads

تصويت

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر