كاتب أمريكي : إلى متى ستظل أمريكا تتجاهل معاناة السوريين؟
اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي فريد زكريا أن الولايات المتحدة تتجاهل معاناة السوريين، مشيرا إلى أن المساعدات التي قدمتها واشنطن خلال هذه الأزمة لم تكن كافية.
وقال زكريا - في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على موقعها الإلكتروني اليوم الجمعة - إنه "مع احتدام الصراع في سوريا واتساع رقعته، لطالما كنت متشككا بأن هناك حلا عسكريا أمريكيا للمشاكل السياسية والدينية المعقدة القائمة في قلب الأزمة، وما زلت معارضا لهذا الأمر ويسعدني تردد إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في التدخل العسكري الإنساني على نطاق واسع، لكن يؤسفني أنها لم تشارك في العمل الإنساني على نطاق واسع، وهناك اختلاف جوهري بينهما".
وأضاف " خلال أغلب الأعوام الـ75 المنقضية، اتسمت الولايات المتحدة بالإنسانية على مستوى العالم. ووفرت معظم المساعدات الخارجية واستقبلت أغلبية اللاجئين. ولعقود، رحبت أمريكا بحوالي 50% من إجمالي الذين تم إعادة توطينهم من أراض أجنبية. ولكن هذا لم يعد يتماشى مع الظروف الحالية. حيث أن المساعدات الأمريكية في الأزمة السورية تجاري تلك التي قدمها الاتحاد الأوروبي، بيد أن كليهما غير كاف".
وأوضح زكريا أنه بالنسبة للاجئين، أصبحت الولايات المتحدة تمثل إحراجا دوليا، حيث تعهدت باستقبال 10 آلاف لاجئ سوري، إلا أنها لم تستقبل سوى ألفين و192 لاجئا فقط خلال العام الماضي.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قد ذكرت أن كندا - التي يبلغ عدد سكانها نحو عشر سكان الولايات المتحدة - قامت بإعادة توطين أكثر من 25 ألف سوري بالفعل، بينما سجلت ألمانيا ما يقرب من نصف مليون طلب للحصول على اللجوء لعام 2015 فقط.
واستدرك زكريا قائلا إن أشد دول العالم فقرا جعلت أغنى دول العالم في موقف مخزي، مستشهدا باستقبال لبنان أكثر من مليون لاجئ مسجل، يشكلون ربع سكان البلاد، كما ان الأردن استقبلت أكثر من 650 ألفا، فضلا عن استقبال تركيا ما يقرب من 3 ملايين لاجئ. وتحتاج هذه الدول مساعدات على مقياس مختلف تماما عن ذلك الذي يتلقونه.
ونوه زكريا إلى أنه بالإضافة لذلك، لطالما تولت واشنطن زمام المبادرة في وضع جدول أعمال العمل الإنساني، واحتضان الدول الأخرى التي تقدم التبرعات وتستقبل اللاجئين وتوفر قوات لعمليات حفظ السلام. ولا تزال الإدارة الأمريكية تعمل الآن ببعض من هذه الجبهات، غير أنها لا تتناسب مع ضخامة المعاناة، مشيرا إلى أنه في فبراير الماضي، نظمت الأمم المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا والنرويج والكويت مؤتمر الجهات المانحة الرئيسية في لندن.
وأشار إلى أن سوريا تواجه مأساة إنسانية ذات أبعاد رهيبة، مع مقتل نحو 400 ألف شخص، وتشريد 5ر1 مليون آخرين داخليا وفرار ما يقرب من 5 ملايين خارج البلاد، ما قد يدفع البعض إلى الاعتقاد بأن هذا هو بالضبط السبب في ضرورة إرسال المزيد من القوات وقصف مزيد من الأهداف وإقامة مناطق آمنة في البلاد. مضيفا "لكن ذلك يستدعي أن يكون لدينا شريكا محليا للعمل معه والأهم من ذلك، نظام سياسي يمكن مساعدته على أن يكون فعالا وشرعيا في نظر الشعب السوري. لكن بدون تلك العناصر فسيتحول التدخل العسكري الأجنبي إلى حالة من الفوضى والاحتلال الاستعماري".
ورأى زكريا أن ما تستطيع واشنطن القيام به هو محاولة الاستجابة بتكثيف الجهود الإنسانية على قدر حجم المأساة، موضحا أن على أوباما مخاطبة الشعب الأمريكي ووصف المعاناة الإنسانية للسوريين، وأن يحث الكونجرس على دعمه في تقديم المزيد من المساعدات واستقبال مزيد من اللاجئين، لتكون الولايات المتحدة هي الرائدة في بذل المزيد من الجهود التعاونية دوليا.
وأكد الكاتب الأمريكي أن المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة دونالد ترامب سينتقد أوباما، وسيثير الجمهوريون شبح الإرهاب، مضيفا "لكنهم مخطئون، وعليه أن يقول لهم ذلك. لطالما كان الأمريكيين حذرين من استقبال اللاجئين، لكن قادة الولايات المتحدة أصروا على موقفهم واستقبلوا الألمان (اليهود) مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية بعد أن علمنا عن المحرقة، فضلا عن المجريين بعد الغزو السوفيتي عام 1956، إلى جانب "لاجئي القوارب" من الهند الصينية بعد سقوط سايغون عام 1975، وقمنا باستيعاب كل هذه المجموعات لتصبح أجزاء حيوية من المجتمع الأمريكي".
وتساءل زكريا "أين بيرني ساندرز، الذي شعر بقلق بالغ إزاء عدم استطاعة الأمريكيين دفع مصروفات الكليات؟ يبدو أنه غير مبال إلى حد كبير بالسوريين غير القادرين على البقاء على قيد الحياة. وأين عمالقة موسيقى الروك الذين غنوا ذات مرة (نحن العالم) ونظموا حفل معونة مباشر لمكافحة الفقر في أفريقيا؟" مضيفا ملايين السوريين من الرجال والنساء والأطفال يفرون من منازلهم ويعيشون في ظروف مزرية ويفقدون حياتهم، أين نحن جميعا من كل هذا؟".