تحيا مصر : "تيار معاكس بين الأجيال".. شفقة الجد تواجه عقوق الحفيد (طباعة)
"تيار معاكس بين الأجيال".. شفقة الجد تواجه عقوق الحفيد
آخر تحديث: الخميس 04/03/2021 06:14 م بوابة تحيا مصر


لم تكن حياتنا فى الماضى مفعمة بكل هذا الضجيج من الممارسات الحياتية غير المنضبطة والعشوائية فى الوقت نفسه، كنا نعرف قيمة الحياة وما تحتاج إليه من مشاعر صادقة نضمنها كل شيء نفعله حتى تتسم حياتنا بالمصداقية والتوازن النفسي، حتى الشر والسلوكيات الشيطانية لم تكن منفلتة إلى حد الانتشار المخيف فى خلايا المجتمع قد تقول إنى رجل عجوز دخل فى مرحلة التخريف وأعيش فى غياهب ماض سحيق انتهت أيامه وانتهت معه كل أساليب الحياة المرتبطة به ولكنى مازلت على قيد الحياة قاربت على الثمانين من عمرى ولم أفقد وعيى ولا ذاكرتى وأعرف جيدا أن أحفادى من حولى يعيشون عصرهم وما يتسم من فكر يخالف ما كنا نعيش عليه حتى أنى أتصور وجودى معهم وكأنها حياة تسير كتيار معاكس لما هو قائم ولكنى مجبر على ما أعيشه فأنا فى حاجة لمن يتولى رعايتى مع كل هذا الوهن والقيود المرضية وسوار الشيخوخة المطبق على من كل جانب وللأمانة ابنى لا يدخر جهدا فى توفير كل سبل الراحة لى هو وزوجته لا يعكر بينى وبينهم إلا أننى أضيق أحيانا من بعض تصرفات الأحفاد وأنصح لهم فيستهينون بى ويسخرون منى ومن الزمن الذى اتيت منه، أنا من كنت رجلا تربويا أعلم الأجيال وأدرس لهم الفضيلة قبل العلم لم أعد قادرا على استيعاب هذا الجيل ولا متوافقا معه حتى لغتهم فى التعامل لا أفهمها .. أحاول أن أرشد أحدهم لشيء من أخلاقياتنا فيكون رده غريبا لا أستوعبه «فكك يا جدو م اللى فات وخليك كول» وأندهش كأنى فى عالم آخر استبيحت فيه أشياء كثيرة أراها خللا ويرونها شيئا عاديا، أنصح حفيدى وأنا أراه يحادث فتاة فى منتصف الليل صوتا وصورة وأقول له كيف لفتاة أن تتواصل مع ولد غريب عنها فى وقت متأخر من الليل كهذا فيبادرنى ساخرا «عادى يعني» وأشياء أخرى كثيرة أعجز عن التعايش معها وأتساءل هل أنا حقا إنسان حشرى أقحم نفسى على حياة غيرى وأنظر عليهم بدون وجه حق؟


هل أنزوى على حالى وما أعانى من أمراض ويكفى أننى وجدت من يرعانى ويخدمنى فى شيخوختى وأحمد الله وأقبل يدى »وش وظهر« أنهم لم يلقوا بى فى دار للمسنين حتى يتخلصوا من تدخلاتى ومضايقاتى لهم .. هل أنا حقا مثير للمتاعب وأعكر حياة من حولي؟
ن . س . القاهرة

يا سيدى مقامك عظيم ومكانتك فوق رءوسنا وزمانكم ليس أبدا تيارا معاكسا وما نحن فيه أفضل فأنت من زمن نطلق عليه زمن الحب والزمن الجميل وأحفادك وغيرهم كثيرون أخذتهم تسارعات الحياة وسيطرة التعايش الإلكترونى على كل شيء فتحولت العلاقات الاجتماعية التقليدية بين البشر إلى تواصل اجتماعى بارد سخيف حتى أحاسيس الحب والمشاعر الإنسانية باتت خلف شاشات صغيرة صغر معها كل شيء فى حياتنا .

أنت محق يا سيدى فى نصحك لأحفادك فليس فى هذا تدخل فحقك عليهم النصح ولكن أنت فى حاجة إلى شيء من الصبر عليهم فما هم فيه ليس ذنبهم وحدهم فبالتأكيد نحن كآباء مشتركون فى المسئولية وحتما هناك خلل فى التربية علينا كثقافة مجتمعية أن نعيه ونسعى لأن نعيد لسمات الحياة فى عصرنا ملامح الجمال والرقى والرومانسية. ترفق بهم وأنت تحادثهم وصدقنى مع الوقت سيستجيبون لك ودائرة الفراغ بينكم ستضيق حتما فليس هناك ما يدعو إلى أن نمل أو نفقد الأمل فى أولادنا فهم لديهم وعى كامل وأرضية طيبة يمكن البناء عليها وبالتالى علينا نحن أن نحسن البناء ولا نكل.أيضا من قال إن الرجل إن شاخ سنه عليه أن ينزوى على نفسه ويقنع بحالة والوضع الذى عليه ويكفيه أن يجد من يوفر له لقمته ويخدمه حتى تنتهى معه الحياة؟ بالتأكيد هذا

ليس منطقا تسير عليه حياتنا ولا يتوافق مع تعاليم ديننا فما أنت فيه الآن سنكون عليه نحن فى الغد ودائما ما تدور الدوائر ويلعب الزمن لعبته بأعمارنا ومنا من يمتد به العمر إلى أرذله فهو كأس دائر علينا جميعا ولكن فى كل مرحلة من العمر لابد أن يكون الإنسان إيجاببا وأحسبك على ذلك فأنت نافع لذريتك بما تنصح فلا تعكر صفو نفسك واصبر سوف تتغير النتائج بإذن الله تعالى من التيار المعاكس إلى توافق قد تدهش له.