تحيا مصر : مترجم: «الطب الفارسي».. ملجأ الإيرانيين لمواجهة كورونا في ظل العقوبات الأمريكية (طباعة)
مترجم: «الطب الفارسي».. ملجأ الإيرانيين لمواجهة كورونا في ظل العقوبات الأمريكية
آخر تحديث: الإثنين 22/02/2021 02:44 م بوابة تحيا مصر


نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية تقريرًا حول لجوء الإيرانيين إلى الطب الفارسي التقليدي للتعامل مع جائحة كورونا في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران على الرغم من عدم تحمس السلطات الصحية لهذا المسلك. وفي البداية، يوضح التقرير أنه في الأشهر الأخيرة ومع اجتياح فيروس كورونا لإيران، تردد المزيد من الناس على متجر عطارة أحمد الكربلائي الموجود منذ مئتي عام، وهو متجر يبيع الأدوية العشبية التقليدية، بحثًا عن المساعدة.

وقد سمَّي الكربلائي أحد أدويته على اسم الإمام الكاظم، وهو أحد أئمة الشيعة، ويوصي رجال الدين بتعاطي هذا الدواء. ويشتمل الدواء على السكر الأحمر والمستكة والشمر ويُخلط مع عسل النحل قبل تناوله. ويستند دواء آخر إلى وصفة طبية من ابن سينا​​، الطبيب الفارسي الذي اشتهر في القرن العاشر الهجري، ويتضمن البنفسج الحلو ونعناع الفرس والزعتر وكسبرة البئر.

يقول الكربلائي: «يأتي حوالي 50 شخصًا في المتوسط ​​إلى هذا المتجر يوميًّا للسؤال عن أدوية الإمام الكاظم أو شرائها. والطلب مرتفع للغاية». ويوصي الكربلائي في العادة بتناول هذا الدواء الذي يستند إلى وصفة ابن سينا​​، وقد تعلَّمها بوصفها علاجًا للربو عن طريق مريض يبلغ من العمر 70 عامًا قبل نصف قرن. ويقول: «الآن أبيعه لمرضى فيروس كورونا».

روحاني يطمئن الإيرانيين رغم العقوبات
ولفت التقرير إلى أن الطلب المتزايد على أدوية الطب الفارسي القديمة أثار الجدل، إذ أنه في الوقت نفسه يعكس مدى الإحباط من الطب التقليدي في خضم الجائحة. وتوفى أكثر من 54 ألف شخص بسبب فيروس كورونا في إيران، مما يجعلها واحدة من أكثر البلدان تضررًا في المنطقة.

Embed from Getty Images

وحذَّر الرئيس حسن روحاني من الصعوبة التي ستواجهها إيران في الحصول على اللقاح. وأكد للإيرانيين أن حكومته ستشتري اللقاحات من الشركات الأجنبية وتنتجها محليًّا على الرغم من العقوبات الأمريكية، التي قال إنها حدَّت «بصورة وحشية» من قدرة البلاد على الحصول على الأدوية في ظل الجائحة. وقال: «سنتغلب على المشاكل (في استيراد اللقاحات) بأي ثمن» ولكن: «يجب أن يعرف الناس أنه مهما فعلنا، وكلما أردنا استيراد الأدوية أو المعدات أو اللقاحات، فإننا نلعن (دونالد) ترامب».

أسرة بهلوي منعت «الطب الفارسي»
وألمح التقرير إلى أن مَنْع ممارسة الطب الفارسي الذي يُعد أحد أقدم أشكال الطب في العالم، إلى جانب علاجات الأيورفيدا (منظومة من تعاليم الطب التقليدي التي نشأت في شبه القارة الهندية وانتشرت إلى مناطق أخرى من العالم بوصفها شكلًا من أشكال الطب البديل) والطب الصيني في عهد أسرة بهلوي.

وبعد ثورة 1979 التي شهدت الإطاحة بهذه الأسرة وأقامت حكمًا دينيًّا، بدأت الجمهورية الإسلامية في تشجيع الطب التقليدي منذ أكثر من عقد. وتمكن طلاب الطب من التخصص فيه -بمجرد حصولهم على تعليم طبي عام– وهناك حوالي 420 طبيبًا تقليديًّا لديه ترخيص لعلاج المرضى.

تقول الدكتورة روجا رحيمي، نائبة العميد للشؤون البحثية في كلية الطب الفارسي التابعة لجامعة طهران للعلوم الطبية، إن: «الطب التقليدي متجذر بعمق في ثقافتنا، حيث إننا نتناول الأدوية العشبية منذ الطفولة على يد الوالدين إلى جانب الأدوية الكيميائية». ويركز الطب الفارسي على خلق توازن داخلي عن طريق مزج العناصر «الدافئة» و«الباردة». ويُنصح مثلًا باستخدام لحم الخروف الذي يُعد دافئًا للوقاية من فيروس قاتل يُعتَقد أنه يعيش لمدة أطول في البيئات الباردة. كما زادت مبيعات الأعشاب الدافئة مثل تلك الموجودة في عائلة النعناع.

موقف رجال الدين من الطب الحديث
لكن شعبية هذه الأدوية كانت مثيرة للجدل في وقت مبكر من الجائحة عندما قال رجل الدين عباس تبريزيان إن زيت البنفسج الحلو يمكن أن يعالج كوفيد-19. وأضرم الرجل النار في كتاب مبادئ الطب الباطني لهاريسون، وهو كتاب دراسي أمريكي، مما أثار ضجة في جميع أنحاء إيران.

Embed from Getty Images

تقول نسرين، وهي سيدة متقاعدة تبلغ من العمر 55 عامًا، إن: «هذا النهج تعصب محض؛ إذ يربط كل شيء بالإسلام والأئمة. وما قاله هذا الرجل عن زيت البنفسج الحلو كان سخيفًا تمامًا ولكن ما فعله بكتاب هاريسون كان فظيعًا للغاية».

وقالت فاطمة، وهي ممرضة تبلغ من العمر 47 عامًا من طهران، إن زوجها المتدين لم يتناول سوى رشفة من دواء الإمام الكاظم عندما أصيب بفيروس كورونا. وأضافت: «ولكنه أصيب في الحال تقريبًا بطفح جلدي في جميع أنحاء جسده».

هل الطب الحديث عاجز أمام كورونا؟
نوَّه التقرير إلى أنه لا يزال هناك كثير ممن يؤمنون بهذا العلاج. يقول أحد رجال الدين في مدينة قُمْ المقدسة إن الطب التقليدي كان سببًا في شفائه. وقال: «الطب الحديث لا يجد حلًا لفيروس كورونا لكن هذا الدواء أثبت حتى الآن أنه الأفضل وأنقذني وأنقذ عديدًا من الأشخاص الآخرين». وأوضحت السلطات الصحية أنها لا تعترف بما يسميه رجال الدين الطب الإسلامي، وتقاوم تحركات بعض رجال الدين لعلاج المرضى.

يقول كيانوش جهانبور، رئيس العلاقات العامة بوزارة الصحة، إن «الطب الشعبي» و«الخرافات» لن يكونا مقبولين. وقال: «يربو تاريخ كلية الطب الفارسي على أكثر من 3,000 سنة. وفي الوقت الذي تقاوم فيه وزارة الصحة السلوك المتطرف، ندرك أن التراث الثقافي والعلمي رصيد لا يقدر بثمن وسنساعد في تطويره».