تحيا مصر : كيف ترفع قدرة جسمك على الاستجابة للقاح كورونا؟ (طباعة)
كيف ترفع قدرة جسمك على الاستجابة للقاح كورونا؟
آخر تحديث: السبت 20/02/2021 03:06 م بوابة تحيا مصر

الآن، أصبحت عمليات التلقيح واسعة النطاق ضد فيروس كورونا أمرًا واقعًا نراه في كثير من بلدان العالم، وهو ما ساعد على تصاعد الآمال بإمكانية السيطرة على هذه الجائحة التي ضربت العالم كله بقوة، ووسط الجدل السائد بين من يؤيدون أخذ اللقاحات وبين من يخشونها، يتصاعد سؤال مهم حول نسبة نجاح اللقاحات الحالية، والسر وراء وجود نسبة من البشر لا تستجيب كما ينبغي للقاح.

على سبيل المثال، تقول الأبحاث المبدئية إن نسبة فعالية لقاح أكسفورد-أسترازينكا هي 70.4%، بينما تبلغ هذه الفعالية نسبة 94% في لقاح موديرنا و78% في اللقاح الصيني. ويقصد بـ«فعالية اللقاح» احتمالية نجاحه وعمله كما ينبغي وحماية اللقاح للشخص من الإصابة بكورونا، وإذا كان هناك بعض البشر لا يعمل فيهم اللقاح كما ينبغي، فهذا يعني ضمنيًا أن استجابات البشر تجاه اللقاحات مختلفة. والسؤال: لماذا تختلف استجابة الجسم لتناول اللقاحات من شخص لآخر؟ والسؤال الأهم: هل يوجد وسيلة يمكننا من خلالها رفع استجابة الجسم للقاح؟

كيف تعمل مناعة الجسم؟
لفهم كيفية عمل اللقاحات، من المهم أن ننظر أولًا في كيفية مقاومة الجسم للأمراض. عندما تغزو الجراثيم، مثل البكتيريا أو الفيروسات، الجسم، فإنها تهاجم الخلايا ثم تبدأ في السيطرة عليها وتسخيرها من أجل التكاثر. هذا الغزو، المسمى بالعدوى، هو ما يسبب المرض. هنا يأتي دور جهاز المناعة الذي يستخدم عدة أدوات لمكافحة هذه العدوى.

وكما يحتوي الدم على خلايا الدم الحمراء التي تنقل الأكسجين إلى الأنسجة والأعضاء، فإنه يحتوي أيضًا على الخلايا البيضاء أو الخلايا المناعية، وهي خلايا مهمتها الأساسية مكافحة العدوى. تتكون هذه الخلايا البيضاء بشكل أساسي من:

1- الماكروفاج: وهي خلايا الدم البيضاء التي تبتلع الجراثيم وتهضمها، بالإضافة إلى ابتلاعها للخلايا الميتة أو المحتضرة. تترك خلايا الماكروفاج وراءها أجزاء من الجراثيم الغازية تسمى «المستضدات» أو «الأنتجين». ينظر الجسم لهذه المستضدات على أنها جسيمات خطيرة ليقوم بتحفيز الأجسام المضادة لمهاجمتها.

2- الخلايا اللمفاوية البائية: هي خلايا دم بيضاء دفاعية تقوم بإنتاج أجسام مضادة تهاجم المستضدات التي خلفتها الماكروفاج.

3- الخلايا اللمفاوية التائية: هي نوع آخر من خلايا الدم البيضاء الدفاعية التي تهاجم خلايا الجسم المصابة بالجراثيم بالفعل.

في المرة الأولى التي يواجه فيها الجسم جرثومة، قد يستغرق الأمر عدة أيام لصنع واستخدام جميع أدوات مكافحة الجراثيم اللازمة للتغلب على العدوى، لكن المهم بعد الإصابة، أن جهاز المناعة يتذكر ما تعلمه عن كيفية حماية الجسم من هذا المرض، وبالتالي تصبح استجابته لذات العدوى في المرة الثانية أقوى.

يكون جهاز المناعة هذه الذاكرة عبر احتفاظ الجسم ببعض «الخلايا اللمفاوية التائية»، التي تسمى «خلايا الذاكرة»، والتي تعمل بسرعة إذا واجه الجسم نفس الجرثومة مرة أخرى. عندما يكشف الجسم عن وجود مستضدات مألوفة، تنتج «الخلايا الليمفاوية البائية» أجسامًا مضادة لمهاجمتها فورًا نتيجة استجابة «خلايا الذاكرة».

كيف تعمل اللقاحات؟
ربما أصبحت الفكرة واضحة الآن. تساعد اللقاحات في تطوير المناعة عن طريق عملية «محاكاة» لوقوع عدوى أو غزو جرثومي ما، الفرق الوحيد هنا هو أن هذا النوع من العدوى لا يسبب المرض أبدًا، ولكنه يتسبب في إنتاج الجهاز المناعي لـ«الخلايا اللمفاوية التائية»، وبمجرد زوال العدوى المقلدة، يُترك الجسم مزودًا بخلايا الليمفاوية التائية (خلايا الذاكرة)، وكذلك الخلايا البائية، والخلايا الليمفاوية التي ستتذكر كيفية محاربة هذا المرض في المستقبل.

ومع ذلك، يستغرق الجسم عادة بضعة أسابيع لإنتاج الخلايا الليمفاوية التائية والخلايا اللمفاوية البائية بعد التطعيم، لذلك، من الممكن أن يصاب الشخص المصاب بمرض قبل التطعيم أو بعده مباشرة، لأن اللقاح لم يكن لديه الوقت الكافي لتوفير الحماية بعد. ربما هذا يعطينا فكرة مثلًا، لماذا تحتاج لقاحات كورونا لجرعتين وليس واحدة.

لماذا تختلف استجابة الجسم للقاحات؟
يعلم العلماء، من خلال عمليات تطوير اللقاحات ضد الفيروسات الأخرى على مدار عشرات السنين، أن الاستجابة المناعية للأفراد للقاح ما يمكن أن تختلف. بالطبع، لن تكون لقاحات كورونا هي الاستثناء، إذ هناك كل الأسباب للاعتقاد بأن هناك تباينًا في استجابة البشر للقاحات كورونا. هذه بعض العوامل:

1- نوع اللقاح وكيفية إيصاله
تحتوي العديد من لقاحات كورونا المعتمدة حاليًّا على أجزاء من بروتين فيروس كورونا الجديد (SARS-CoV-2) لتحفيز المناعة، ومع ذلك، هناك العديد من الطرق المختلفة لإيصال هذه البروتينات إلى الجسم، والتي قد يكون بعضها أكثر فعالية من غيرها في تحفيز جهاز المناعة.

على سبيل المثال، يجمع لقاح أكسفورد بين بروتين فيروس كورونا مع فيروس آخر لتقليد أفعال فيروس كورونا بصورة أكبر. وفي الوقت نفسه، يحتوي اللقاح الذي طورته جامعة «كوينزلاند» على البروتين معبأ بمركب آخر (مادة مساعدة) لتحفيز جهاز المناعة، وهكذا.

2- الإصابات أو الأمراض السابقة
قد تحفز العدوى السابقة جهاز المناعة لدينا للاستجابة بشكل مختلف للتطعيم. على سبيل المثال، ينتمي فيروس كورونا الجديد (SARS-CoV-2) إلى عائلة كبيرة من فيروسات كورونا (الفيروسات التاجية) التي تصيب البشر، أربعة منها مسؤولة عن نزلات البرد. قد يعني التعرض لهذه الفيروسات المسببة للبرد، وتطوير خلايا ذاكرة مناعية ضدها سابقًا، إمكانية وقوع استجابة أقوى أو أسرع للقاح كورونا.

3- الجينات
تلعب جيناتنا دورًا كبيرًا في تنظيم جهاز المناعة لدينا. ولاحظ الباحثون بالفعل وجود اختلافات بين الجنسين، تتحكم فيها الجينات بشكل جزئي، في الاستجابة المناعية للقاح الإنفلونزا. بل لاحظوا أيضًا اختلافات بين الجنسين في الاستجابة المناعية لفيروس كورونا الجديد، وهو ما يعني إمكانية وجود استجابة مختلفة للقاح.
الأمر لا يتعلق بنوع الجنس فقط. إذ إن المجموعات العرقية المختلفة التي تعيش في نفس الموقع لها استجابات متنوعة ومتباينة في بعض الأحيان للتلقيح. بعض المجموعات يمكن أن تنتج الأجسام المضادة بصورة أقل، بل إن حتى نوع فصيلة الدم «مستضدات فصيلة الدم» من المحتمل أن تؤثر في الاستجابة للقاح.

4- عمر الإنسان
يتغير تكوين جهاز المناعة لدينا على مدار حياتنا، وهذا يؤثر على قدرتنا على تكوين استجابة مناعية وقائية. على سبيل المثال، يكون جهاز المناعة لدى الرضع والأطفال في طور النمو والتطور، لذلك قد تكون استجابتهم المناعية مختلفة عن استجابة البالغين. لذلك، قد تكون بعض لقاحات كورونا أكثر فاعلية للأطفال، أو موصى بها لهم، كما يحدث مع لقاح الإنفلونزا.

مع تقدمنا ​​في السن، تحدث تغيرات في نظام المناعة لدينا، هذه التغيرات قد تعني أنه لا يمكننا الحفاظ بكفاءة على مناعة وقائية طويلة الأمد، أي كون الجسم أقل قدرة على صنع أجسام مضادة جديدة استجابة للعدوى.

5- عوامل نمط الحياة
يؤثر النظام الغذائي والتمارين الرياضية والتوتر والإجهاد والتدخين في استجابتنا المناعية للتطعيم.

كيف نحفز استجابة أكبر للقاح؟
بالنظر إلى العوامل السابقة، سنلاحظ أن أغلبها لا يمكننا التحكم فيه، ربما عدا العامل الأخير المرتبط بنمط الحياة. هذه بعض الخطوات البسيطة التي يمكن أن تساعد:

1- البهجة والسعادة: يمكن للشعور بالسعادة بوصول اللقاح وأخذك له، أن يعزز كيفية تفاعل أجسامنا مع التطعيمات. هناك الكثير من الأبحاث التي تظهر أن هذه الأنواع من العوامل النفسية الإيجابية تؤثر في كيفية استجابة الناس للتطعيمات. حتى أن حالتك المزاجية في يوم التطعيم يمكن أن تحدث فرقًا.

Embed from Getty Images
2- النشاط: في واحدة من الدراسات، لاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين وصفوا أنفسهم بأنهم نشيطون ينتجون استجابة أكبر بنسبة 73% من الأجسام المضادة للتطعيم ضد مرض التهاب الكبد الفيروسي B، مقارنة بأولئك الذين اعتبروا أنفسهم أكثر توترًا. الرياضة مفيدة كثيرًا في هذه النقطة.

3- التفاؤل: يمكن أن يكون التفاؤل بمثابة تعزيز لفاعلية اللقاح.

4- الروابط الاجتماعية: تؤثر الروابط الاجتماعية في مدى استجابة أجسامنا للقاح. إحدى الدراسات ذكرت أن أولئك الذين يملكون أصدقاءً أقل يكونون عددًا أقل من الأجسام المضادة لفيروس الإنفلونزا.

5- الحب: يبدو أن الحب الرومانسي أيضًا مفيد للتلقيح. وجدت إحدى الدراسات أن كبار السن الذين كانوا راضين للغاية عن الزوج أو الشريك ارتفعت لديهم مستويات أعلى للأجسام المضادة بنسبة 10% في المتوسط ​​استجابةً للقاح الإنفلونزا، مقارنةً بأولئك الذين كانوا عزابًا أو في علاقات غير سعيدة.

6- التدخين: لا نحتاج لقول الكثير هنا. فقط ابتعد عن التدخين لأنه يضعف جهاز المناعة لديك.

7- الطعام: تناول كل ما يقوي جهاز المناعة. كلما كان عندك جهاز مناعة أقوى كانت استجابته أقوى للقاح. وبالتالي، أنت في حاجة لتناول الطعام الصحي والابتعاد عن الأطعمة السريعة.