القتل بـ"السم" أبشع جرائم مرت على تاريخ البشرية.. لهذا السبب
يقدمها المحامي/ تامر أحمد رضوان
تعد جريمة القتل من أبشع الجرائم على مر تاريخ البشرية ويتصنف القتل فى القانون إلى قتل عمد وقتل خطأ، والقتل العمد له ظروف مشددة فى العقوبة حيث تصل العقوبة للإعدام فى وجود الظرف المشدد من سبق إصرار والترصد وخلافة من الظروف المشددة للعقوبة .
ويعد القتل بالسم من أنواع القتل التى يستوجب الحكم بالاعدام نظرا لخطورة هذا النوع من القتل.
و ترجع علة تشديد العقوبة على القتل العمد في حالة ارتكابه باستخدام السم إلى ما تنطوي عليه هذه الوسيلة من غدر وجبن وخيانة، حيث لا تتاح للمجني عليه كما هو الحال في الترصد – فرصة الدفاع عن نفسه، لأن القتل يرتكب بيده من يثق فيهم المجني عليه ولا يرى بالتالي ضرورة لاتخاذ الحيطة أو الحذر في مواجهتهم مثل الزوجة أو الأصدقاء أو الأقارب أو الخدم .
وبالإضافة إلى ذلك فإن ارتكاب القتل العمد باستعمال السم ينطوي في غالب الأحيان على توافر سبق الإصرار لدى الجاني ذلك أن شراء المادة السامة وإعدادها وتحين الفرصة المناسبة لوضعها في طعام المجني عليه أو شرابه، مثلا يقتضى وقتا يتاح فيه للجاني التفكير الهادئ، في نشاطه الإجرامي.
ويري الفقه الجنائي الراجح ، أنه يجب أن يلاحظ أن سبق الإصرار ليس مع ذلك من عناصر القتل بالسم، فقد يندفع الجاني إلى قتل المجني عليه مستخدما في ذلك السم وهو تحت تأثير ثورة من الغضب، الأمر الذي يحول دون القول بأنه قد فكر في جريمته تفكيرا هادئا وخرج من هذا التفكير مصمما على تنفيذها.
وخلاصة القول هنا القتل بالسم ، لا يتميز عن بقية صور القتل العمدى الأخرى سوى في الوسيلة المستعملة في إحداث إزهاق الروح فيجب أن تكون سما، كما أنه يجب للحكم بالإعدام على القاتل بالسم أن تكون سما، كما أنه يجب للحكم بالإعدام على القاتل بالسم أن تكون جريمة القتل تامة أي أن يحدث السم أثره كاملا ويموت المجني عليه.
أما إذا لم تتحقق وفاة هذا الأخير فإننا نكون بصدد شروع في تسميم. أولاً :- استعمال السم في القتل يجب لتطبيق المادة 233 عقوبات التي تقضى بالحكم بالإعدام على القاتل أن يكون هذا الأخير قد توصل إلى إزهاق روح المجني عليه مستخدما في ذلك "جواهر يتسبب عنها الموت"، أي سما. وهذا ما يستفاد من وصف القانون للشخص الذي يقتل "أحد عمدا بجواهر يتسبب عنها الموت عاجلا أو آجلا"، بأنه "يعد سما هو الذي يميز جريمة القتل بالسم، أو التسميم عن صور القتل المدى الأخرى، ويعتبر أحد عناصر ركنها المادي، ويترتب على ذلك . أنه يجب على محكمة الموضوع – عندما تحكم بالإعدام تطبيقا للمادة 233 عقوبات – أن تذكر في حكمها أن المادة المستعملة في إحداث الوفاة مادة سامة وإلا كان الحكم قاصر التسبيب قصورا يستوجب نقضه، على أنه لا يشترط أن يبين الحكم مقدار المادة السامة التي استخدمت وما إذا كانت كافية لإحداث الموت أم لا. والمقصود بالسم : ولم يبين القانون المقصود بالسم الذي يؤدى استعماله في ارتكاب القتل إلى الحكم بالإعدام على فاعله، لذا يجمع الفقه والقضاء على القول بأن تقرير ما إذا كانت المادة المستعملة فى القتل سامة أم لا هو فصل في مسألة فنية يصعب على قاضى الموضوع البت فيها بغير الاستعانة بأهل الخبرة من المتخصصين في علم السموم، كما أنه له بطبيعة الحال أن يسترشد في ذلك ببيان المواد السامة الذي ورد على سبيل المثال – لا الحصر – بالجدول الملحق بالقانون رقم 127 لسنة 1955 – والمعدل بالقانون رقم 253 لسنة 1955 – الخاص بمزاولة مهنة الصيدلة. وعلى أي حال فإن المقصود بالسم هو :- كل مادة من شأنها أن تحدث الوفاة نتيجة تفاعلها كيميائيا مع الخلايا الأساسية للجسم بما يؤدى إلى تدميرها، وذلك بغض النظر عن نوعها أو سرعتها في التأثير في الجسم، فيستوي أن يكون السم نباتيا أم معدنيا أم حيوانيا أم غير ذلك، كما يستوي كونه بطيء المفعول أم سريع التأثير في الجسم ولا أهمية للصورة التي يتخذها، فقد يكون صلبا أم سائلا أم غازيا، ولا يحول دون القول بأن المادة سامة كونها لا تحدث الوفاة إلا إذا أخذت بكميات كبيرة، متى كان من خصائصها الذاتية أن تسبب الوفاة ، وعلى ذلك فاستخدام سلفات النحاس بكمية صغيرة بقصد قتل المجني عليه تتوافر به جناية الشروع في القتل بالسم، رغم أن هذه المادة لا تحدث الوفاة إلا إذا أخذت بكمية كبير، وقد أجملت محكمة النقض المصرية هذه المعاني حينما قضت بأنه متى كانت المادة المستعملة للتسميم صالحة بطبيعتها لإحداث النتيجة المبتغاة (أي الموفاة) فلا محل للأخذ بنظرية الجريمة المستحيلة لأن مقتضى القول بهذه النظرية ألا يكون في الإمكان تحقق الجريمة مطلقا لانعدام الغاية التي ارتكبت من أجلها الجريمة أو لعدم صلاحية الوسيلة التي استخدمت لارتكابها، أما كونه هذه المادة (مادة سلفات النحاس) لا تحدث التسمم إلا إذا أخفت بكمية كبيرة وكونها يندر استعمالها في حالات التسميم الجنائي لخواصها الظاهرة، فهذا كله لا يفيد استحالة تحقق الجريمة بواسطة تلك المادة وإنما هي ظروف خارجة عن إرادة الفاعل، فمن يضع هذه المادة في شراب ويقدمه لآخر يعتبر فعله – إذا ثبت اقترانه بنية القتل- من طراز الجريمة الخائبة لا الجريمة المستحيلة لأنه مع صلاحيته لإحداث الجريمة المبتغاة قد خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها وتطبيقا لنفس الفكرة قضت محكمة النقض باعتبار الشروع في القتل بالسم متوافرا بوضع الزئبق في أذن المجني عليه بنية قتله بالرغم من عدم وجود جروح بهذه الأذن، وذلك لأن الزئبق صالح بطبيعته لإحداث الوفاة إذا صادف جروحا وفى هذا تقول المحكمة أن وضع الزئبق في أذن شخص بنية قتله هو من الإعمال التنفيذية لجريمة القتل بالسم مادامت تلك المادة المستعملة تؤدى فى بعض الصور إلى النتيجة المقصودة منها، كصورة فإذا لم تحدث الوفاة عد العمل شروعا في قتل لم يتم لسبب خارج عن إرادة الفاعل ووجب العقاب على ذلك ، لأن وجود الجروح في الإذن أو عدم وجودها هو ظرف عارض لا دخل له فيه، ولا محل لقول باستحالة الجريمة مادام أن المادة المستعملة تصلح في بعض الحالات لتحقق الغرض المقصود منها.
انتظرونا العدد القدم مع البقية..