تحيا مصر : حسام مصطفى يكتب .. «هل يجب أن يكون الصحفي مخبرا» (طباعة)
حسام مصطفى يكتب .. «هل يجب أن يكون الصحفي مخبرا»
آخر تحديث: السبت 20/01/2018 12:48 م
من المعروف أن مهنة الصحافة رسالة وحرفة وفن ومهارة ومراوغة ودهاء ومكر، وقد يتنكر الشرطي في شكل صحفي فهل يجوز العكس،وماهو الفارق بين المخبر الصحفي ومخبر البوليس؟


الصحافة قد تكون مهنة البحث عن المتاعب فمن أجل الحصول على هدفهم قد يلجأ الصحفيون إلى استخدام تقنيات التخفي والتموية، عندما تفشل كل الطرق الأخرى، وقد يضطرون حتى إلى خرق القانون، وهناك بعض القضايا والمغامرات التي تضع الصحفيين على المحك الأخلاقي.

وبصورة أكثر وضوحا، قد يدعى الصحفي بأنه أحد المسؤولين، لتجاوز تحكم الدولة في الوصول إلى المعلومات الرسمية أو لمناطق محجوبة عن الجمهور.


في الولايات المتحدة، وجهت وكالة أنباء أسوشيتد برس انتقادات لاذعة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي “إف بي آي” ، عندما ذكرت تقارير مؤخراً أن ضابطاً بمكتب التحقيقات تخفىّ بهوية صحفي في أسوشيتد برس عام 2007 ، بهدف الإيقاع بمشتبه هدد بالقيام بتفجيرات.

الهدف كان أن يضغط المشتبه به على رابط أخبار مزيف ليتمكن الـ”إف بي آي” من تحميل برنامج على حاسوب المشتبه به، ومن خلال هذا الطريقة تمكن الـ”إف بي آي” من تعقب موقع المشتبه به الحدث وإلقاء القبض عليه.

غضبت أسوشيتد برس لأسباب مفهومة، “بانتحال هويتنا، يلطخ ال”إ فب بي آي” سمعة أسوشيتد برس وينتقص من قيمة الحق في صحافة حرة، وهو حق منصوص عليه في دستورنا، ويعرّض صحفيين أسوشيتد برس وجامعي الأخبار الآخرين حول العالم للخطر” يقول رئيس أسوشيتد برس ومديرها التنفيذي جاري برويت في خطاب مفتوح “هذا الخداع يفسد العقيدة الأهم للصحافة الحرة، استقلالنا عن سيطرة الحكومة ومسئوليتنا البديهية عن محاسبة الحكومة.”

هو بالطبع محق لكن جيمس كوملي، مدير الـ”إف بي آي”، أيضاً محق،ودافع كوملي عن أسلوب التحري الذي تم استخدامه “هذه التقنية كانت مناسبة وسليمة وفق إرشادات وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي وقتها، والآن فإن استخدام مثل هذه التنقيات غير المعتادة قد يتطلب موافقات على مستوى أعلى مما كان عليه الأمر في 2007 لكن سيظل الأمر قانونياً، وفي أحوال نادرة ملائماً أيضاً.”

يتجادل كلا الطرفين بشغف للدفاع عن الصالح العام. في بعض الأحيان سواء كان لمكافحة الجريمة أو لفضح الفساد، وعندما تفشل كل سبل التقصي الأخرى قد يكون من الضروري استخدام الحيلة، لكن الحالات التي كان مبرراً فيها استخدام الحيلة بحق .. هي حالات نادرة.


وعلى صعيد ذى صلة هناك حالة “الشيخ الزائف” في لندن والتي تسلط الضوء على مخاطر استخدام الحيلة بدون قاعدة أخلاقية تبرر ذلك. كان الصحفي مظهر محمود يتخفى بهوية أحد أفراد أسرة مالكة عربية بغرض جعل أشخاص يرتكبون أفعال إجرامية، ثم يكتب عن ذلك لصحيفة “نيوز أوف ذا وورلد”. رأى الكثيرون أن تشجيع صحفي لشخص ما على خرق القانون من أجل الحصول على قصة صحفية هو ببساطة اختلاق لقضية.

في إحدى المرات ، عرض على العارضة إما مورجان عقد عمل لتصوير لقطات بالبيكيني لاستخدامها في تقويمات تباع في الشرق الأوسط لكن في الحقيقة كان هذا فخاً. أراد محمود أن يفضحها كتاجرة مخدرات واستأجر رجلاً ليضغط على مورجان لتمده بالكوكايين ووقعت ضحية لهذه العملية.

“كنت حمقاء، كنت ساذجة. الحماقة ليست جريمة ما فعله هو الجريمة” قالت مورجان “لم أحظ بالسجل المهني الذي كان يجب أن أحظى به ولا الحياة التي كان يجب أن أعيشها، إنه بشع .. رجل بشع.”



وعلى جانب أخر هناك واقعة أخرى بجنوب أفريقيا، أثناء سنوات الفصل العنصري، سجل صحفيون شجعان سراً وبشكل غير قانوني اجتماعات لضباط جيش من النظام الأبيض وتظاهروا بأنهم بيض عنصريون لحضور فعاليات سياسية خاصة للحصول على معلومات مهمة حول الحرب ضد حركة تحرير السود.

الصحفيون كذلك تعرضوا للخداع من قبل صحفيين آخرين، ففي ألمانيا قبل بضعة سنوات غضب صحفيو “بيلد” الألمانية عندما قام الصحفي الإستقصائي المتخصص في صحافة التخفي جانثر والراف بالتخفي والإنضمام لطاقم محرريهم فقط لفضح الأساليب المشكوك فيها للصحيفة.

أحيانا قد يكون من الملائم للصحفيين ولوسائل الإعلام التعاون في عمليات إنفاذ القانون، لكن قد يكون هذا ممكناً فقط إذا تم التشاور مع الصحفيين ووسائل الإعلام وطُلبت مساعدتهم قبل أن يستغل آخرون اسمهم وسمعهتم الطيبة.


وأخيرا مهنة الصحافة مبنية على الثقة، مع الجمهور، والخروج عن النص فيها يعرض أصحابها للخطر والنسيان والتهميش والخسارة الفادحة.

عندما يتم استخدام التحايل فإن الصحفيين ووسائل الإعلام، مثلهم مثل مسئولي إنفاذ القانون، يتحملون مسئولية كشف كيف ولماذا استخدموا التحايل ؟ ومسئولية تبرير أفعالهم.