العرابة.. على عينك يا تاجر
يتداول العرب في العموم والمصريين في الخصوص عبارة "على عينك يا تاجر" للدلالة على الإقدام على فعل ليس حميد على مرأي و مسمع الناس دون الخوف من اللوم او العقاب.
كانت العبارة تستخدم في بادىء الأمر في الأسواق الكبيرة للدلالة على عرض البضائع على مرمي الأبصار دلالالة على جودتها، لكن فيما بعد وكعادة الإنسان في تشويه كل ما هو جيد أو طيب أصبحت العبارة للدلالة على كل ما هو مشين يحدث في العلن ليخدش الحياء العام، و يسبب مشاعر سلبية من ضيق و احباط و غضب ... الخ
مع تطور وسائل الاتصال الاجتماعية، أصبح هناك عالم موازي يسمى "عالم السوشال ميديا " ليس افتراضي كما يدعي البعض، لأنه أصبح يتعدي بل ويشوه العالم الحقيقي و يوازي و يتداخل بل و يشوش على العالم الواقعي.
فكل شخص أصبح لديه منصة يعلن منها عن أفكاره و ميوله و رغباته و شهواته وهوايته أيضًا، دون سخرية ... فذلك حق إنساني أن يعلن كل انسان عن كل ذلك، لكن في محيطه ؛ محيط الأسرة، العمل، الأصدقاء المقربين ... المحيط المفروض عليه تواجده.
لكن عندما يخيل لشخص يجيد الغناء في المرحاض بان لديه صوت عالي الجودة، و يتحسر على حرمان الآخرين من سماع هذا الصوت الشيطاني الذي قد يأن الحمار نفسه لسماعه، ذلك الذي كان يتميز بانكر الأصوات على وجه البسيطة، لكن الحقد الانساني رفض تفوق الحيوان عليه، وذلك الشخص أعلن عن وجوده في إسفاف رخيص في فيديو يجمعه مع شخص اخر لتكتمل السيمفونية التي تثير المعدة وتدعوها للقيء، فيديو تجتمع فيه كل العناصر المؤذية للعين والأذن و المعدة و الصحة النفسية، وكأنه مخطط صهيوني لافساد الذوق العام (عندما كان لديه وجود !!!) و إصابة الإنسان في حواسة الظاهرة و الياته الباطنة بكل ما اوتيت من قوة.
و كعادة المصريين للتوقف في وسط الطريق و اختلاق الزحام لمشاهدة عراك او حادثة، توقفوا بالملايين لمشاهدة الفيديو الحزين، حتى حقق الفيديو نسبة مشاهدة فاقت إعداد الحمير، ومن هنا وجب تكريمهم، ليس الحمير ولكن العاملين على فيديو، فتنتشر صور تكريمهم من المنصات الفنية والأكاديمية على مواقع التواصل ...!
ما دفعني لتناول الفيديو المهين في المقال هو سماع الصوت الشيطاني نغمة رنين على هاتف محمول لاحد راكبي القطار، فاستفزني الصوت ودفعني لاقتحام خصوصيات الراكب و اساله عن الصوت الغير آدمي، فيجيب "ده مشهور اوي".
حينها شعرت اني متأخرة عن ملاحقة وسائل التواصل لابحث عن الفيديو المهين وتثار معدتي ربما من فعل الصدمة، ولكن ما كان اكثر حزنا و قهرا للنفس هو الاحباط الذي اصاب العديد من الاصدقاء اصحاب المواهب الحقيقية الذين لا يجدون بصيص نور يتبعوه ليعلنوا من خلاله عن موهبتهم ...الخ
والعرابة بتقولك
دى خبطة جامدة وجت على عينك ياتاجر