تحيا مصر : الفنان طارق الدسوقى فى حواره لـ"تحيا مصر" .. رفضت أعمال كثيرة لـهشاشة مضمونها ووبخت كُتابها..الفن رسالة حقيقية وعلى الجميع أن يدرك قيمتها (طباعة)
الفنان طارق الدسوقى فى حواره لـ"تحيا مصر" .. رفضت أعمال كثيرة لـهشاشة مضمونها ووبخت كُتابها..الفن رسالة حقيقية وعلى الجميع أن يدرك قيمتها
آخر تحديث: الثلاثاء 30/05/2017 12:39 م زينب بكير

منذ أكثر من عشرين عامًا شاهدناه فى العديد من الأدوار من بينها دور عبد الحكيم عامر فى فيلم "ناصر 56"، ومسلسل "حصاد الشر"، وفى مسلسل "زمن العطش" مع الفنان القدير عبد الرحمن أبو زهرة، وغيرها من الأعمال الأخرى، التي حازت على إعجاب الكثير من المواطنين مثل "لم يكن أبدا لها" و "مازال النيل يجرى" و "السقوط فى بئر سبع" و "سعد اليتيم".

ولد الفنان طارق الدسوقي فى 12 أكتوبر عام 1957، بمحافظة القليوبية، عشق الفن منذ الصغر، ولجأ لمعهد الفنون المسرحية بعد حصوله على شهادة بكالوريوس تجارة جامعة عين شمس، وأيضًا حصوله على مراكز أولى فى التمثيل على مستوى الجمهورية، كما كانت ملامحه الهادئة سببًا رئيسيًا فى صنع جسر حب وألفة للوصول إلى قلب الجمهور بسرعة شديدة .

الفن بالنسبة له رسالة ومهنة مهمة جدًا وخطيرة، ومن الممكن أن تصنع وتشكل الرسالة المقدمة جيلاً واعيًا وناضجًا ومثقفًا، إذا تمت على الوجه الأكمل، ومن الممكن أن يتحول الفن لرسائل مشوهة وفارغة تؤدى إلى هدم حضارة، وخلق جيل ليس لديه وعى ولا مسئولية تجاه ذاته أو وطنه او حتى دينه، تلك هي العبارات التي أكدها لنا الفنان "طارق الدسوقي" أثتاء حواره لتحيا مصر، فضلا عن تقديمه العديد من الأسرار الفنية والعديد من النصائح والرسائل المهمة للمسئولين، من خلال السطور القادمة.


• كيف كان مشوارك الفني فى بدايته ؟

حبي للتمثيل وإقدامى على المعهد، يسر لى أمور عدة، ثم بعد تقديمى لبعض الأدوار فى السينما لم تشبع رغبتى، توجهت للعمل بالتلفزيون، ويرجع الفضل هنا للمخرج الكبير راضي العريان والد المخرج طارق العريان، والذى تبنانى فنياً بمجرد تخرجى من معهد السينما، وأسند لى بطولة خمس مسلسلات متتالية "حصاد الشر،غلطة عمر، موسي بن نصير، اللاعبون بالنار، حافة الهاوية"، فكانت البداية قوية بفضل الله وتوفيقه.

• هل لملامح طارق الدسوقي سبب فى حصره فى أدوار محددة؟

أعتقد نعم، فملامحى جعلت المخرجين والمنتجين يسندون لي أدوار شخصية الشاب الهادئ والطيب إبن البلد وهكذا، وكانت لتلك الأدوار فائدة عظيمة، فهى التى صنعت جسرًا ورابطًا قويًا بينى وبين الجمهور، رابط ود وحب وألفة، ولكن هذا القالب جعلنى مقيد لبعض الوقت، فتمردت على هذا القالب، وقمت بعمل أدوار شر وغيرها من الأدوار التى ابتعدت عن طارق الدسوقى الوديع المسالم دائماً.

• ماهي أهم الأعمال التلفزيونية المحببة إليك ؟

أعشق الأعمال التاريخية والمقدمة بالعربية الفصحى، فأنا من عشاق العربية الفصحى والشعر، أحببت كل شخصية قمت بها، بل أحببت العمل كله، فكل الأعمال التى أشارك فيها يجب أن أكون راض عنها وموافق على مضمونها وهدفها، لكن من أفضل الشخصيات التى أحبها هى شخصية سيد درويش فى مسلسل زمن عماد الدين، و شخصية عبدالحكيم عامر فى فيلم ناصر 56 وأيضاً شخصية القاضي"موسي بن عياض".

• أين المسرح فى حياة الفنان طارق الدسوقى ؟

المسرح فى حياتى هو مسرح الدولة الذى كان يقدم فن ورسالة قيمة ودسمة للجمهور، ولدي على مسرح الدولة العديد من المسرحيات منها "نقول إيه، المهزلة، الغجري، تأشيرة دخول إلى الوطن، إمبراطور يبحث عن وظيفة"، وغيرها من المسرحيات التى شرفت بالعمل فيها .

• هل هناك أعمال فنية تقدمها فى شهر رمضان ... وماهي؟

نعم، استعد حاليًا في مسلسل "قضاة عظماء" الجزء الثانى، والذى سيتم عرضه فى رمضان، وتم تصوير أكثر من 20 حلقة حتى الآن، من تأليف الكاتب السوري أحمد عيد، والعمل يخرجه أيضا مخرج سوري، ومعى نخبة كبيرة من الممثلين المصريين والسوريين العظماء أبرزهم عبدالرحمن أبو زهرة – حسن يوسف - أحمد عبدالعزيز - كمال أبو ريا- مديحة حمدى-عفاف شعيب- سوزان نجم الدين وغيرهم من العباقرة، كما استعد لحضور مسلسل إذاعى ولأول مرة هو من انتاج إذاعة القرآن الكريم المسلسل بعنوان" سفيان الثوري" وأنا أقوم بدور سفيان الثوري، ويشاركنى افى العمل الفنانة مديحة حمدى ونجوم كبار وسيتم عرضه فى رمضان .


• ماذا تدور أحداث مسلسل "قضاة عظماء"؟

تدور أحداث المسلسل بتسليط الضوء على قضاة عظماء فى التاريخ الإسلامى، وإبراز دورهم فى إرساء قواعد العدل فى هذا الزمن الذى نحتاج فيه لمثل هذه الأعمال، فالتاريخ المصري والعربي والإسلامى سواء الحديث والمعاصر والقديم، مليء بالشخصيات التى تؤثر فى خلق جيل واعى ومدرك لأهمية الأخلاق والثقافة والانتماء، نحن فى أمس الحاجة لأعمال ترسخ مفهوم الوطن والعلم والثقافة، لقد شرفت فى العمل بالجزء الأول من مسلسل قضاة عظماء، والذي تم أخذ مشهد من المشاهد التى قدمتها فى المسلسل للقاضي موسي بن عياض وتم نشرالمقطع عبر الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعى، وقد حقق نسبة مشاهدات تعدت ال10مليون مشاهدة حتى وقتنا الحالى، الأمر الذي يشير على أهمية الرسالة المقدمة، فالمشهد يصور حال العرب الموجود حالياً، ويرد على كل القواعد والدواعش وكل من يهاجم الإسلام والمسلمين .

• هل لابد أن يقرأ الفنان عن الشخصية التاريخية التى يجسدها أم يكتفى بالسيناريو المكتوب؟

كل شخصية ولها أبعادها داخل السيناريو، فإذا كانت الشخصية معاصرة ويتطلب الدور إظهار جوانب إنسانية وحياتية، فلابد أن أعرف كل صغيرة وكبيرة لتلك الشخصية مثلاً شخصية سيد درويش، فكان الدور صعب جداً، وأردت أن أقنع الجمهور بأننى بالفعل سيد درويش فى المسلسل، والورق أيضًا له دور فى تجسيد الشخصية،إ ذا تطلب الدور الخروج لأبعد ما هو مكتوب فى السيناريو، أما إذا كان الدور مثل دور عبدالحكيم عامر فى ناصر 56 فالدور هنا كان يدور فى إطار زمنى مدته ثلاثة شهور، ويدور حول أحداث سريعة وعملية تأميم قناة السويس، فكان الاكتفاء بالورق وتوجيهات المخرج، وفى أى عمل تسير الأمور على هذا المنوال، ما هى الرسالة التى نريد توصيلها للجمهور عن الشخصية وترجمة مابين السطور للمشاهد.

• كيف تري الدراما المقدمة الآن ؟

أرى أن مصر والعالم العربي يمرون بأخطر المراحل، بداية من طمس الهوية عن طريق الغزو الثقافى والفكرى، وعن طريق محو ذاكرة الأجيال الحالية والسابقة عن القيمة الحقيقية والحضارية لنا كعرب وكمصريين بالتحديد، فليست الدراما فقط التى سقطت فى بئر مظلم، بل الإعلام كله، بداية من التلفزيون والسينما والمسرح،لا توجد رسالة تثقيفية ولا تنموية ، المواطن البسيط والعادى يستمد ثقافته من التلفزيون والوسائل الإعلامية، وما يقدم الآن على الساحة الإعلامية بكل تخصصاتها وشتى مجالاتها، يشكل تهديداً واضحاً على ثقافة الأجيال الحالية والقادمة، فيجب على المسئولين عن تقديم تلك الأعمال أن يعلموا مدى خطورة ما يتم عرضة على ساحات الفضائيات من برامج توك شو الغرض الرئيسي منها الربح والتربح بأى شكل من الأشكال، وقد تجد ضيوفاً فى برنامجاً على الهواء، يسبون بعضهم البعض، وتحدث أيضا تجاوزات أخرى قد تصل للتشابك بالأيدى.

• ما الفرق بين رمضان قديمًا ورمضان الآن من خلال المضمون المقدم ؟

هناك فرق شاسع بين الماضى والحاضر، كنا قديما نستقبل رمضان بالشعائر الدينية والبرامج الإسلامية لشيوخنا العظماء، وكانت الشاشات تتسابق لتقديم الأعمال التاريخية والإسلامية ،والمسابقات الثقافية، لكن تحول الأمر منذ سنوات إلى إسفاف وابتذال مخزى، من بداية ثورة يناير وتحولت الشاشات إلى سباق للتعري والإسفاف، تحليل الحرام، ونماذج تقدم للشباب تحثهم على العنف والبلطجة، فأنا أتألم من الوضع المتدنى الذى وصل إليه الإعلام، لغة مشوههة، نماذج محظورة، اختفت القيمة العليا فى الرسائل، الأمر الذى أدى لانتشار الحوادث بداية من الإغتصاب والزنا والسرقة والإدمان، فكل الأعمال المقدمة بعيدة عن القيم والأخلاق والعلم والدين .

• كيف تفسر ظاهرة الدراما والبرامج المقدمة حالياً؟

أنا أرى أنه مخطط يستهدف هدم حضارة الدولة المصرية بكل ما تحمله من تاريخ عظيم، ولن يحدث أبدا، طالما أن لدينا وعى وإدراك، لكن ما يحدث هو شيء ممنهج، وجريمة ترتكب فى حق الشعب مع سبق الإصرار والترصد، يتم الآن تشويه التاريخ ومحوه، وتصدير صورة خاطئة عن الشخصية المصرية والعربية والإسلامية، وليس هناك دراما أو سينما تناقش قضية حقيقية، وإذا استمر الأمر بهذا الشكل القبيح سننهار جميعا، أجيال سابقة وحالية وقادمة، ويجب أن نواجه مايحدث بكل مالدينا من إمكانيات.

• من المسئول عن تلك الظاهرة ومن المسئول عن علاجها ؟

لن أستطيع أن ألقى اللوم على القطاع الخاص عندما يفقد ضميره ويتحول شغله الشاغل هو المكسب المادى فقط،، ولكن ليس هناك رقابة على القطاع الخاص بشكل قوى، فالرقابة على المصنفات الفنية المعنية بالأجهزة الرسمية بالإنتاج الرسمي للدولة، أما منتج القطاع الخاص وقنوات القطاع الخاص التى تذيع بأموالها الخاصة تريد تحقيق أعلى عائد ربح وأعلى نسبة مشاهدات ومتابعات وإعلانات بأى شكل، فنجد العري والرقص والخمر والمواضيع التافهة ووجب هنا على الدولة أن تتدخل بكل مؤسساتها الرسمية لمحاربة مايحدث.

• ما هى المؤسسات المعنية فى الدولة ؟

أولا القيادة السياسية والحكومة الممثلة فى رئيس الوزراء، وكل الوزراء المعنيين يجب أن يعوا أن ملف الثقافة بشكل عام بالتحديد، والإعلام كوسيط لنقل كل أشكال الثقافة والفنون هو ملف حياة أو موت، ملف فى منتهى الخطورة والأهمية يعتبر أمن قومى، مثله مثل المشاريع الاقتصادية التى تنشأ حالياً.

كما نضخ المليارات لمشاريع اقتصادية وتنموية فنحن فى أمس الحاجة أيضًاً أن تضخ الدولة مليارات الجنيهات، للصرف على هذا الملف المعنى بصياغة عقول ووجدان الناس وبناء الشخصية المصرية، ومهما قمنا بمشاريع قومية وأهملنا العقل البشري والناس، سنكتشف فجأة بوجود أجيال بلا هوية أو ثقافة أو علم أو انتماء للوطن، أجيال تقف على حافة الهاوية ،أجيال لا تعرف معنى مصر ولا نصر ولا أرض ولا عرض، ولن يستطيعوا أن يحافظوا على المكتسبات التى صنعناها أو صنعتها الدولة، فالرهان الحقيقي على البشر .

ويجب على القطاعات المنتجة للدراما الرسمية التى تمتلكها الدولة أن تعود كما قلت سابقاً، صوت القاهرة /قطاع الإنتاج فى التلفزيون المصري/ مدينة الإنتاج الإعلامى، يجب عليهم أن ينتجوا أعمالا تاريخية ودينينة ووطنية، واجتماعية هادفة وراقية، لكى يخلقوا خط موازى لخط الإسافاف المبتذل، وهنا تكمن الفرصة فى الإختيار فليس من المعقول أن يكون كل ما يقدم هو ما يطرح على الساحات والفضائيات فى الوقت الحالى، فهناك نماذج لشخصيات مصرية يجب التحدث عنها ليتعلم منها الأجيال القادمة، نماذج تاريخية علمية أدبية نماذج فى القوات المسلحة والشرطة، يجب أن ننمى العقول ونغذيها بكل ما هو مفيد، إلى جانب أن نخاطب ضمير الفنان نفسه .

• ما هى رسالتك الموجهة لضمائر هؤلاء ؟
أقول لهم يجب أن تشعروا بقيمة الوطن وقيمة العقل البشري، ولا يكن شغلهم الشاغل هو المكسب فقط،فالفن رسالة حقيقية يجب أن يدركوا قيمتها، ويعلموا أن كل ما يقدمونه سيحاسبون عليه وعلى تبعاته أمام الله يوم القيامة، كما بجب أن يري كل فنان محتوى ما يقدمه ، هل يؤذى الناس بطريق مباشر أو غير مباشر؟هل هو راض عن اعماله ولن يخجل يوم سيقف فيه أمام الله ؟هل ما يقدمة فن أم إسفاف ؟.
فهناك معايير وأسس يجب أن تشمل العمل الفنى المقدم، إذا لم تتوفر تلك المعايير يجب أن يرفضها الفنان حتى لا نكون سبب فى هدم وطن ونحر أجيال ورسالتى لهم أن يتقوا الله في اعمالهم.

• ما هى المعايير والأسس التى يجب أن تشمل الرسالة المقدمة ؟

أولاً: أن يكون الكاتب والممثل يعرف جيدا مشاكل الناس ومهتم بقضياهم، ويحاول أن يطرح حلول.
ثانيا: أن يرسخ لديهم الهوية المصرية بكل ما تحمل من معانى.
ثالثاً:أن يؤكد ويزكى روح الإنتماء للوطن وللأرض .
رابعا:يجب أن يؤكد على أهمية العمل والانتاج والاحترام، وتقبل الآخر، وحرية التعبير والعطف على الصغير وغيرها من المبادئ والأسس التى يجب أن تتوافر فى الرسالة، وإن لم تتوافر معانى وأهداف سامية يجب أن يرفضها وهذا واجب على كل مواطن والفنان هو أولا وأخيرًا مواطن مصري.

• هل تقدم للفنان طارق الدسوقى أعمال وتم رفضها ؟

نعم، تقدم لي عدة أعمال كنت أرفضها لهشاشة مضمونها، وكنت أخجل وأنا أقرأها، وفى بعض الأحيان كنت أرفع سماعة الهاتف لأوبخ الكاتب أو السيناريو قائلا له اتق الله .

• هل رفضك لتلك الأعمال تأثر على عدم تواجدك على الشاشات بشكل كبير؟

من المؤكد أن اعتراضي كثيرًا جعل البعض ممن لا يقدمون فن راقي وهادف يبتعدون عنى ، وأحمد الله على ذلك .

• ما دور الفنان خارج ساحة العمل الإعلامى؟

التواجد باستمرار وسط الجماهير والمشاركة فى الأعمال الخيرية والتنموية والاجتماعية، سيشعر حينها بلذة العطاء وروعة السعادة، فليس فى جمع المال لذة بقدر رسم بسمة على وجه محتاج، أو تخفيف وجع عن مريض، الفنان إنسان له ما له وعليه ما عليه .