العرابة 25.. " الدفتر"
قيل زمان " التاجر لما يفلس بيدور في دفاتره القديمة"
قالوا أجدادنا أن عندما يفلس التاجر كان يبحث في دفاتره القديمة عن ديون مؤجلة الدفع ، فيقوم باستردادها ، لتفرج عنه أزمته ، و تمرر الكارثة دون حدوث أي تطورات مصاحبة للازمة.
عندك دفتر ؟
بتكتب أصلا ؟
بتسجل حاجة بتحصل في يومك؟
بتسجل الي عليك؟
طيب بتسجل إلي ليك؟
يمرر الكثير منا حياته اليومية دون تفكير أو تخطيط أو ربما دون تدبر في مجريات اليوم ، اليوم بالكامل ، قد يصل لأسبوع أو حتى شهر و ربما عام (في حالات متأخرة من عدم إدراك الوقت أو إدراك معني الحياة) ... دون أن يتوقف دقيقة و يفكر فيما فعل أو فيما يفعل أو فيما ينبغي أن يفعل في المستقبل القريب أو البعيد ...
أجابني احد المارة عندما وجهت له هذه التساؤلات ، انه لا يوجد وقت للتفكير ، وان التفكير يحتاج قدر من الرفاهية حتى يتمكن من التفكير ...!
في حين قال أخر :
لما بفكر بتعب ، عشان كده بكبر دماغي ، يعني هما إلى فكروا خدوا ايه ...!
بالنسبة للأول ، فان الإنسان يقضي حوالي 75 % من وقته يفكر بمعدل أربع أفكار كل دقيقة ، أي انه يفكر في حوالي 5760 فكرة في اليوم ، دون ان ينتبه ، وقد بذل مجهود عضال حتى يشتت هذه الأفكار ويتخلص منها في الفضاء من سماع موسيقي عازلة أو مشاهدة قصص درامية، الإقدام على العاب الفيديو و إدمانها أحيانا...!
وإذا تطاولت وسالت عن أسباب هذه الأفعال الغير مبررة و المتكررة بشكل مرضي ستسمع إجابات كثيرة أشهرها "عشان اقتل الوقت ، عشان اليوم يعدي ، من زهقي ، أصلي عندي صداع"
إذن فكل هؤلاء لا يستطيعون السيطرة على تفكيرهم اللاإرادي ، وفي الوقت ذاته لا يمكنهم الاستفادة منه ... لذا يهربون من مواجهة أفكارهم بالاندماج في أي شيء آخر لا يستدعي التفكير.
أما بالنسبة للمار الأخر الأكثر ايجابية ، ولمن هم مثله فهم أيضا لا يستطيعون الاستفادة من تفكيرهم أو حتى تفعيله في محيط محبط ... فيقدمون على الامتناع عن التفكير ، وتسكين أفكارهم و إصابتها بالشلل المؤقت أو الدائم.
هناك نموذجين أخريين يجب الحديث عنهم ، وهم : المفكر الحالم ، و هو ذلك الذي يستهلك كل طاقاته الفكرية في الأحلام الوردية ، ليست أحلام يقظة فهي غير مترتبة على واقع ملموس ، ولا يسعى لتحقيق هذه الأحلام بأي خطي ثابتة أو حتى عشوائية ... هو فقط يفكر بحلم قد يكون الحصول على سلطة او مال دون أن يدرك سبل الحصول على المال أو السلطة من مؤهلات، كمن يحب فتاة جميلة ويكتفي أن يفتح حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) ليري صورها ويعرف عن مزاجها ثم يتخيل انه سيلتقي بها و ستحبه وسيتزوجان ..... دون أن يخرج من خلف الشاشة...!
و النموذج الأخير هو المفكر القاتل ، وهو الذي يحرق خلايا مخه من كثرة التفكير بل ويزيد من ثقل الأحمال النفسية التي لا يمكن لبشر أن يحتملها ، كل ذلك بسبب زيادة التفكير فيزيد متوسط الأفكار عن أربع أفكار في الدقيقة ، ويكون معظمها أفكار ابتكاريه قابلة للتنفيذ و النجاح.
كل هذه النماذج ممن هو يعاني من عدم تفعيل التفكير أو القدرة على التفكير أو حتى زيادة في التفكير إذا لجاءوا إلى تسجيل هذه الأفكار مرة أو مرتين في اليوم مما سيستغرق من 3-5 دقائق من إجمالي 1440 دقيقة في اليوم ليزيح عن كاهله ثقل استرجاع الفكرة ذاتها بشكل جديد أو حتى يتمكن من عمل خطة مكونة من عدة خطوات واعية ليتمكن من تحقيق فكرته إذا كانت جديرة بالتنفيذ ، أم إذا كانت مجرد فكرة ستعلن عن رحيلها ، تاركة الساحة لفكرة أخرى قد تكون مفتاح لطريق كاد أن يكون مسدود.
العرابة بتقولك
سجل الفكرة ... تنفعك بكرة