تحيا مصر : ديكتاتورية الديمقراطي (طباعة)
ديكتاتورية الديمقراطي
آخر تحديث: الثلاثاء 07/03/2017 10:20 ص
محمد رأفت فرج محمد رأفت فرج
من المفروض أن رئيس البرلمان هو المدافع عن الديمقراطية إذا انتهكت، فهو حامي حمى الشعب، لأنهم السبب في جلوسه علي كرسية، عندما اختاروه بالديمقراطية، وبالتالي عليه أن يؤمن بها، لا أن يستغل مكانته كرئيس للهيئة التشريعية ليكمم الأفواه ولا يقبل النقد من معارضية خاصة أنه مخطئ، ولا يقبل النقد.
لم يخطئ الزميل مصطفى حمزة الصحفي بالأهرام، عندما رصد لرئيس البرلمان أخطاءه الـ 165 فى كلمته التي ألقاها أثناء الاحتفال بمرور 150 عامًا على إنشاء البرلمان المصري، لأن الأمر كان في غاية الصعوبة لكن رئيس البرلمان الموقر لم يخجل من نفسه ويقوم بتصحيح أخطاءه بل ذهب ليكيل الاتهامات لمؤسسة من المؤسسات الصحفية التابعة للدولة.
لم تكن الأهرام هي الجريدة الوحيدة التي كتبت عن أخطاء رئيس البرلمان اللغوية، ولكني وقتها كتبت مقالاً شديد اللهجة بعنوان "اغتصاب اللغة العربية في بلد الأزهر ومجمع الخالدين" وقلت فيه، إن انحدار الثقافة اللغوية عند رئيس البرلمان أمر لا ينبغى أن يمر مرور الكرام، ولا بد أن يكون للأزهر ومجمع اللغة العربية دور فى وقف هذه المهزلة، فكيف بأستاذ جامعى متخصص فى القانون الدستورى يخطئ هذا الكم من الأخطاء، بحضور مجموعة من العلماء.
كان ينبغى على رئيس البرلمان، قبل أن يلقى كلمته محاولاً إبراز موهبته اللغوية أن يقرأها على واحد من المتخصصين فى اللغة حتى لا يكون سببًا فى تشويه صورة البرلمان المصرى العريق، وتشويه المنصة التى جلس عليها عمالقة كبار شهد الجميع ببلاغتهم وفصاحتهم وإتقانهم للغة العربية، بالإضافة إلى روعة الإلقاء، ومن هؤلاء محمد حسين هيكل، والدكتور صوفى أبو طالب، والدكتور رفعت المحجوب، والدكتور أحمد فتحي سرور وغيرهم.
يا معالى رئيس مجلس النواب .. رجاءً لا تتحدث الفصحى فى خطاباتك القادمة قبل أن تقوم بتصحيح كلمتك على أحد المتخصصين فى اللغة، فليس عيبًا أن تفعل ذلك، إنما العيب أن تقف لتمثل مصر بلد الأزهر ومجمع الخالدين وتخطئ هذا الكم من الأخطاء.
وكان لهذا المقال صدى واسع وكنت يومها مع واحد من كبار علماء اللغة العربية وأحد قيادات مجمع الخالدين "اللغة العربية"، وقد سألته عن موقف المجمع من أخطاء رئيس البرلمان فقال لي نصًا " ماذا نفعل أكثر من أن نرسل خطابًا رسميًا لجهة عليا في الدولة، أبدينا فيه ملاحظات على ماحدث من تعدٍ صارخ على اللغة العربية وطالبنا بعدم التهاون مرة أخرى"
إن التحدي الذى طالب به الزميل "حمزة"، في أن يناظر رئيس البرلمان لغويًا لا شك أنه إهانة لمنصب رئيس البرلمان، ولكن هذه الإهانة ينبغي أن يُحاسب عليها رئيس البرلمان ذاته لأنه السبب فيها.
إن رئيس البرلمان لا يقبل النقد حتى البناء منه، ويحاول دائمًا فرض رأيه بالقوة حتى وإن جانبه الصواب، فمواقف رئيس مجلس النواب تخالف تمامًا تلك الديمقراطية المحفورة على جدران مدخل المجلس من ناحية شارع القصر العيني وهي عبارة "الديمقراطية هي قبول الرأى الآخر" لكن ما يقوم به رئيسه، نوع من أنواع القمع الذي يعتبر دليلاً على العجز، فرئيس البرلمان الذي قام بمقاضاة الإعلامي والصحفي إبراهيم عيسي هو نفسه الذي وقف تصريح دخول المجلس لبعض الزملاء من المحررين البرلمانيين لأنهم انتقدوه، وكأننا نعيش في دائرة مغلقة لا نجد لطلاسمها "مفك" .. فمن سيكون عليه الدور؟!