تحيا مصر : السجن أحب إلينا مما يدعوننا الإخوان إليه (طباعة)
السجن أحب إلينا مما يدعوننا الإخوان إليه
آخر تحديث: الإثنين 31/10/2016 05:04 م
أبو بكر أبو المجد أبو بكر أبو المجد
نشأت على ثقافة الاعتدال.. لا أميل لشئ أو لشخص على الإطلاق.. أحب الإنصاف في جنب عدوي كما أحبه في جنب صديقي.. مضى من عمري ما يدنو من أربعة عقود.. لم أنضم خلالها لفصيل أو قبيل أو حزب أو جماعة.. كم انتويت الإسهام في بناء الشخصية المصرية التكافلية المثقفة.. لكني اعترف بسرعة تركي لكل هذا إذا شعرت أن من شأنه أن يجر على صداما أمنيا أو يضعني في دائرة شكه.
من يعرفني يدرك أن تركي ليس خوفا؛ لكنه رفضًا لإضاعة وقت بنائي لذاتي في صراعات مع هؤلاء البشر الذين يرونني خطرا على طموحاتهم السياسية والقيادية في قريتي ودائرتي، ويستقطعون من وقت فراغهم وحياتهم التافهة أياما في كتابة الشكاوى فيّ للجهات الأمنية، وفي ذلك أذكر أني كنت هدفا للإخوان بقدر ما كنت هدفا لممثلي الحزب الوطني المنحل.
آثرت ترك كل الساحات السياسية داخليًا لأمثال هؤلاء، وانطلقت مبحرًا في سياسات الدول الخارجية وخاصة في آسيا.. وسعيت للمزيد من البحث الأكاديمي في هذا التخصص من خلال دراساتي العليا في شئون آسيا السياسية والاقتصادية.. ومع ذلك لم أسلم.
ظننت أن مع مضي هذا العمر أني استطعت الهروب من دائرة الصراع على السلطة بين أولئك الذين لا هم لهم غير أحزابهم وأقربائهم ومكتسباتهم المادية الحقيرة، حتى شاءت الأقدار أن أعايش تجربة غاية في الخطورة والخيانة والخديعة.. بطلها أولاء الذين ظننا يومًا أن الدين رادعهم.. أن الظلم حاجزهم.. لكننا أخطأنا خطأ العمر ربما.
جيل جديد من الإخوان.. خرج من رحم "التقية" التي تناولتها في سلسلة مقالات لم أستكملها في يوليو 2011، بعنوان "الإخوان بين التقية والموضوعية".
جيل يجيد التلون كحرباء ملعونة تحالفت مع الخيانة القاتلة، أظنها النوع 161 من ألوان الحرابي التي لم يرصدها علماء الأحياء بعد.
جيل يحدثك عن مظلوميته ومقتلته وعذاباته حتى إذا تعاطفت معه ساقك بهدوء نحو الاعتراض بالصمت ثم بالقول ثم بالفعل، فتصير شيئًا فشيئًا سهم في قوسه، ثم يطلقك نحو خصمه بلا عودة، ودون أدنى اكتراث لاستعادتك، فما أنت إلا رقم رخيص لأنك لست ضمن أسرتهم أو شعبتهم أو منطقتهم أو مكتبهم الإداري.
خطورة هذا الجيل أنه يؤمن بالثأر.. ويرى دون تمييز بعد فشله في مواجهة الدولة المصرية أن يقدم المصريين جميعا قرابين رخيصة لنيل انتقامه وتحقيق ثأره.
جانبًا من جوانب هذه الصورة نرسمه بمنتهى الدقة حتى تبصره الدولة المصرية بشعبها وأجهزتها الأمنية كى لا تسقط في الفخ وتشعل من حيث لا تحتسب النار في صدور من خدعتهم الجماعة الخائبة.
بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها الجماعة ماديا وبشريا وتنظيميا، بدأت معالم خطة بديلة مفزعة.. تجرد فيها الجيل الجديد للجماعة من الأخلاق بالكلية فضلا عن أبسط تعاليم ديننا الحنيف.. فقد ارتأوا استغلال حاجة المصريين في ظل هذه الظروف الاقتصادية لوضعهم بدلا من أولادهم في مواجهة الأمن المصري.
الصورة نرسمها من واقعة اصطياد شباب الصحفيين الذين يسقطون في يد رجالات الجماعة الممولين خارجيًا أو داخليًا من أثرياء الإخوان، حيث يوظفون أبناءهم لاجتذاب قرنائهم بحجة العمل في موقع إلكتروني مهني معارض محايد.. أو في مهمة تسمى صحفيا بإدارة المحتوى، ومن خلالها يكلف الصحفي بمراجعة بعض الأخبار لغويًا ومهنيًا وإعادة إرسالها على البريد الإلكتروني أو صفحة الفيس المتفق عليها، مقابل أجر يحصل عليه من خلال فيزا كارد.
البداية.. إعلان طلب محررين وديسك و... يوضع على إحدى المجموعات الصحفية الكبيرة.. يرسل جميع الطامحين بهواتفهم وسيرتهم الذاتية وبريدهم الإلكتروني وصفحات تواصلهم الاجتماعي، والأخيرة هي التي تدار من خلالها المؤامرة.
يرسل لك أحدهم طلب إضافة على الفيسبوك.. ثم يرسل لك بعض الأخبار لمراجعتها معلمًا إياك أنك تحت الاختبار لمدة أسبوع.. ثم يبارك لك صاحب الحساب الوهمي على الفيسبوك بأنك من المقبولين.. ويلاطفك خلال هذه الأيام ببعض الملاطفات الإنسانية.. ثم بعدها يطالبك بعمل تقرير مهني ومحايد عن واقعة أو حدث في مصر.. ثم بعد يومين أو ثلاث يطلب منك صورة بطاقتك حتى يقوم بعمل فيزا كارد لك ليتم كل شئ إلكترونيًا توفيرًا للوقت والجهد.. وبمنتهى البراءة ترسلها.. وبعد يومين أو أسبوع آخر أو قرب نهاية الشهر يطالبك برفع حدة النقد أو يعيد هو توجيهك لما يجب أن تكتبه.. فإذا رفضت خصم لك.. وإذا وافقت انتقل بك للمستوى التالي حتى يأخذ بيدك إلى كتابة التقارير المعادية للدولة المصرية بشكل آلي.
فماذا عمن يرفض ويترك؟
سواء تركت أو لم تترك.. ما دمت لست منهم سيستخدمونك لإلهاء الأمن عن أبنائهم، باصطناع فقاعة مثل 11 نوفمبر، وفي دعوة خبيثة كهذه للخروج يلقون بك للأمن، ويبلغوا المرشدين الأمنيين عنك.
يتم جمع هذه الأسماء ومن خلال الفيزا كارد وصور البطاقات يستفون قضية يلقونها للأمن طعمًا حتى يظن أنه قضى على شبكة إعلامية للإخوان، والحقيقة أنها شبكة لا تأثير لها على القارئ المصري، ولا جمهور لها، مقابل أن يبعد الأمن عينه عن أبنائهم الحقيقيين في التنظيم ليفعلوا ما خططوا له سلفا.
الصورة التي ننقلها حاليا من دائرة شباب الصحفيين.. تحدث في مولات وهايبرات ومصانع وشركات تابعة للإخوان.. إن الإخوان أنفسهم من يبيعون المصريين المخدوعين المساكين الذين هم بحاجة للعمل ولقمة العيش للأمن في قضايا يصورونها للأمن أنها تمس شبكة تنظيمهم حتى يبقى رجالاتهم وشبابهم بأمن قدر ما أمكنهم ذلك.
أخطر نتائج هذا المخطط هو تعميق جذور كراهية المجتمع بجميع أطيافه للأمن الذي يدين هؤلاء المغرر بهم بما ليس فيهم من تبعية للإخوان ليس عليها أدنى دليل اللهم إلا عملية التمويه التي يقوم بها من خططوا للإيقاع بهؤلاء السذج.
لا أقول أن الشبكات التي يتم اكتشافها كلها توضع في طريق الأمن، بقدر ما أنوه إلى ضرورة الوضع في الحسبان أن أبناء مصر بحاجة إلى تحري الدقة قبل إدانتهم بالانتماء لهذا التنظيم الذي كشف صراعه على السلطة أنه تديدن بالخيانة، حتى لا نزيد سواد الإخوان داخليا ونعطي لمظلوميتهم صدى دوليًا.
نعم.. أنا واحد من هؤلاء المعارضين للسلطة أعلن مسئوليتي عن كل ما كتبته على صفحتي الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، والصحف ومستعد للسجن إن كان فيما كتبت غرض سوى إحقاق الحق والإنصاف والرغبة في أن أرى مصر موطني دولة تحيا بعزة أهلها ومجدهم؛ لكني أعلن متحديًا أن يكون في حياتي ما يثبت أني ملت للإخوان تنظيما أو فكرا، أو أني شاركت معهم في عمل أيًا ما كان نوع العمل، وأرفض مشمئزا أن أسجن يومًا في قضية تجمعني بهم، واعتبر ذلك عارًا وخيانة لمبادئي، فالسجن أحب إليّ مما يدعونا الإخوان إليه.
إن مقالتي هذه دعوة لشبابنا ليدركوا حجم الخديعة.. دعوة لأن نضع نهاية للفتنة.. والسعي لبناء دولتنا واستقرارها.. وهي كذلك دعوة لهؤلاء المعنيين بأمن مصر أن يهدأوا قليلا ويتحروا الدقة قبل كشفهم عن كل شبكة أو تنظيم يهدد أمن الوطن، لعل بينهم ضعيف غلبته حاجته، أو ساذج غره عقله.
افسحوا الطريق للعفو قبل العقوبة.. وللتسامح قبل الجهالة.. وأحسنوا الظن في شباب مصر فإنهم درعها وسيفها.. وليس كل شباب مصر الصالحين إخوان.