جريدة تحيا مصر

اخر الأخبار
ads

تحقيقات

طفل كل 13 ثانية.. الزيادة السكانية خطر داهم يهدد عملية التنمية.. والسبب العزوة ومفاهيم دينية خاطئة

الخميس 18/فبراير/2021 - 11:18 ص
تحيا مصر
طباعة
بوابة تحيا مصر



جاءت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الثلاثاء، خلال افتتاح المجمع الطبي المتكامل بمحافظة الإسماعيلية وعدد من المشروعات التنموية في قطاع الصحة، بشأن أزمة الزيادة السكانية، لتعيد مجددا فتح هذه القضية التي أصبحت خطرا داهما يهدد عملية التنمية والإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الدولة، ويخنق فرص التنمية الذاتية المستدامة، ويعوق مشروعات التطوير التي تقوم بها مصر.


وأكد الرئيس السيسي، أن الزيادة السكانية تؤثر بشكل سلبي على كل القطاعات، حيث إن معدل نمو السكان يجب أن يتناسب مع الموارد المتاحة للدولة، وهذا لم يحدث، نظرا لأن الأحوال المعيشية لا تشهد تحسنا، ونحتاج إلى تريليون دولار لتتناسب مع الزيادة السكانية، الأمر الذي جعل دار الإفتاء المصرية تطلق هاشتاج "تنظيم النسل جائز"، مؤكدة أن القائم بتنظيم النسل أو مؤيده ليس متدخلا في قدر الله أو معترضا عليه لأنه من باب الأخذ بالأسباب.

وبحسب الإحصائيات الرسمية الأخيرة، فإنه كل 13 ثانية يحل مولود جديد في مصر، بنحو 270 مولودا في الساعة الأمر الذي دفعها لأن تكون في مصاف الدول الأكثر في أعداد المواليد مقارنة بالوفيات، وتقلدت المرتبة الأولى في تعداد السكان على مستوى الدول العربية، والمرتبة الثانية إفريقيا بعد نيجيريا وإثيوبيا، فيما تحتل المركز الـ 14 في الترتيب العالمي، وتشير التوقعات إلى أن الفترة المقبلة ستشهد زيادة سكانية كبيرة.

أسباب الزيادة السكانية
أرجع علماء الاجتماع أسباب الزيادة السكانية، إلى الموروثات الثقافية الخاطئة، كالعزوة والسند، وإنجاب الولد، مؤكدين أنها هؤلاء هم السبب الرئيسي في زيادة معدل الإنجاب في مصر، التي أصبحت خطرا داهما، ولابد من زيادة حملات التوعية وتفعيل دور الإعلام، كما أكد علماء الدين أن هناك بعض المفاهيم الخاطئة لبعض الأحاديث النبوية والتي لابد من تصحيحها عن طريق الخطاب الديني.

الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، ترى أن الزيادة السكانية خطر داهم، يهدد عملية الأمن القومي والتنمية والإصلاح الاقتصادي، وتؤثر على تقديم الخدمات الصحية بشكل جيد، لذلك لابد من وضع خطة لتنظيم الأسرة، تستهدف إقناع الأسر بجميع الفئات والشرائح خاصة الأرياف، بخفض معدلات الإنجاب والاكتفاء بطفلين فقط، لضبط معدلات الإنجاب.

انعدام الوعي
وتؤكد أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، لـ "بوابة الأهرام"، أن الدولة أصبحت تعاني من انعدام الوعي والثقافة واختفت إعلانات التوعية التي كانت متواجدة بشكل أساسي في جميع قنوات التليفزيون والشوارع سابقا، حيث كانت هناك أفلام ومسلسلات تناقش وتحاول معالجة القضية وتوضيح الآثار السلبية لها، نظرا أن الإعلام هو أكثر وسيلة تصل لكل مواطن، بجانب الخطابات الدينية والثقافية، مع القضاء على نسبة الأمية.

وسبق أن أظهر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أن عدد الأميين يقدر بنحو 14.3 مليون نسمة عام 2016 منهم 9.1 مليون من الإناث، أي أن هناك فردا أميا بين كل 5 أفراد من السكان، وارتفع عدد الأميين في مصر إلى 18.4 مليون شخص في عام 2017 حسب آخر تعداد.

تنوع أساليب التوعية
هناك ضرورة لاختلاف أساليب التوعية وتعددها حتى تؤثر في المواطنين خاصة غير المتعلمين منهم، حيث تؤكد "سامية خضر"، أنه لم يتم العمل على توعية غير المتعلمين منذ فترة كبيرة، حيث أن نسبة الأميين وصلت إلى 25%، وهذه نسبة خطيرة جدا في أي مجتمع، والسبب الأساسي في وزيادتها هو الزيادة السكانية، فالأسر التي تنجب كثيرا تقوم بتسريب أبنائها من المدارس لكي يعملوا ويجلبوا الرزق وقوت يوم الأسرة.

التأثير الاقتصادي
تمثل الزيادة السكانية خطورة حقيقية على المجتمع، وعلى الاقتصاد بشكل خاص، حيث يؤكد الدكتور على الإدريسي الخبير الاقتصادي، أن النمو السكاني السريع يضغط على موارد الدولة بشكل كبير من حيث الخدمات العامة المقدمة للمواطنين، أو توفير السلع الأساسية وفاتورة الدعم، كما أنها تؤثر على برامج الحماية الاجتماعية.

كما تسبب الزيادة السكانية، بحسب الخبير الاقتصادي، ضعف في العوائد الاقتصادية، حيث إنه من المفترض أن يعادل النمو الاقتصادي 3 أمثال معدلات النمو السكاني، ومن المستحيل تحقيق هذا الأمر، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها العالم، وما فعلته جائحة كورونا التي انتشرت منذ عام، من مشاكل عالمية في اقتصاديات دول العالم.

زيادة البطالة
ومن المشاكل التي تسببها الزيادة السكانية أيضا، زيادة البطالة، حيث يؤكد "الإدريسي"، أن النمو السكاني يتطلب توفير مليون عمل سنويا لسد احتياجات الشباب العاطل للعمل، وبذلك ترتفع معدلات الفقر في مصر، وتضعف الخدمات العامة في بعض المناطق، كما تتطلب الزيادة السكانية زيادة في مصروفات الدولة، ومن ثم زيادة في معدلات العجز والدين، لأن الزيادة لها متطلبات في التعليم والصحة ودعم السلع التموينية، بجانب الخدمات الأساسية وكل ذلك تكاليف على الدولة.

ودعا الدكتور علي الإدريسي، أن يتم وضع خطط مختلفة لتنظيم الأسرة والحد من النمو السكاني، لأن الحملات لم نكتسب منها نتيجة، فنحتاج مشروعا مرتبطا بقوانين على شكل ثواب وعقاب، ليكون هناك حد معين لدعم الأفراد، فيتم الدعم للأسرة التي بها طفلين أو 3 أطفال فقط، وإذا زاد عدد الأفراد تتحمل الأسرة تكلفة كل ما يحتاجه.

وسائل منع الحمل
كما أكد على ضرورة توفير وسائل منع الحمل في كل القرى والمدن بسعر رخيص وبجودة مرتفعة، حيث يشير الخبير الاقتصادي إلى ضعف وسائل منع الحمل المتواجدة، فأغلبها غالية أو مغشوشة، لذلك لابد من توفيرها بكثرة خلال الفترة القادمة في القرى والمراكز والمحافظات، ولابد أن يدعم المجتمع المدني هذه الوسائل ويقوم بتوفيرها للناس، للحد من الزيادة السكانية التي تلتهم موارد الدولة.

دور الإعلام
هناك دور كبير على كل من الإعلام والمساجد والكنائس،في خفض معدل الإنجاب في الدولة المصرية، حيث أكد علماء الاجتماع على ضرورة إحكام السيطرة على الأئمة والشيوخ ورجال الفقه، نظرا أنهم أكثر المؤثرين على المواطنين، حيث إن بعض الفتاوى القديمة بأن تدخل الأهل في الإنجاب حرام شرعا تمثل مشكلة كبيرة جدا، نظرا لأن بعض الناس مازالوا مؤمنين بها حتى ذلك الوقت، ويؤمنون بفكرة أن الإنجاب الكثير هو "العزوة".

وبالفعل فإن السنوات العشر الأخيرة شهدت مصر زيادة في تعداد السكان بشكل متسارع للغاية، في ظل محاولات الحكومة لإطلاق المبادرات المجتمعية للحد من الزيادة السكانية وتحديد النسل، والأرقام الرسمية المعلنة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تدل بالفعل على كارثة وشيكة، حيث إن مصر في خلال الثلاثين عامًا الماضية، ارتفع تعداد سكانها بنسبة زيادة 96.5٪ بواقع 46.5 مليون نسمة، في وقت ارتفع فيه عدد السكان خلال عشر سنوات فقط إلى 22 مليون نسمة.

تنظيم الأسرة جائز
ونظرا للجدل الديني المرتبط بتنظيم الأسرة، أطلقت دار الإفتاء المصرية هاشتاج "تنظيم الأسرة جائز"، مؤكدة أن القائم بتنظيم النسل أو مؤيده ليس متدخلا في قدر الله أو معترضا عليه لأنه من باب الأخذ بالأسباب.

مفهوم خاطئ للسنة
ومن الناحية الدينية قالت دكتور آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بالأزهر الشريف، إن الزيادة السكانية تصبح ثروة إذا كان هناك ما يقابلها من الزيادة الإنتاجية، لافتة إلى أن هناك فجوة كبيرة بين الزيادة السكانية والنمو الاقتصادي، حيث إنه أي زيادة تحدث في الاقتصاد تبتلعها الزيادة السكانية، فيؤدي إلى عدم الشعور بالإصلاح الاقتصادي.

وأكدت نصير لـ"بوابة الأهرام"، أن هناك مفهوما خاطئا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "تناكحوا، تكاثروا، تناسلوا، فإني مباه بكم الأمم إلى يوم القيامة"، موضحة أن هذا الحديث كان دعوة للشباب لكي يتزوجوا وينجبوا لكي يزيد عدد المسلمين في هذا الوقت، ولكن في هذا الزمن ليس بحاجة إلى أي زيادة بل إن الزيادة تضر المجتمع والدولة بشكل كبير.

وتعجبت أستاذة العقيدة بالأزهر الشريف من أن الأسر الفقيرة هي التي تكثر من إنجاب الأطفال ليكون لهم عزوة في الفقر وبعد ذلك يقومون بتسريحهم لكي يكونوا مصدرا للدخل، منوهة أن تنظيم النسل مسألة ضرورية، ولابد من تفعيل دور رجال الدين خاصة الأئمة في المساجد لشرح النصوص الدينية وحثهم على أهمية تنظيم الأسرة.

إرسل لصديق

ads

تصويت

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر