جريدة تحيا مصر

اخر الأخبار
ads
سارة حجازي

سارة حجازي

"الفيرساتشى" فى بلاد الشرق

السبت 31/ديسمبر/2016 - 11:20 م
طباعة
رأس الميدوزا ( الميدوسا ) دارت حولها الكثير من الأساطير ، أشهرهم إنها رأس أنثى وشعرها عبارة عن ثعابين غاضبة ، من نظر في عين الميدوزا تحجر على الفور وتحول من إنسان إلى تمثال حجري قابل للكسر ، لم تكن هكذا فى بداية الأمر ، كانت إمرأة آسرة الجمال ، خانت أثينا و مع زوجها بوسيدون ، فانتقمت منها أشر انتقام وألقت عليها لعنة ، وحولتها إلى ذلك الشكل المخيف ، لتحرمها من كل الرجال الذين ينخدعون بصوتها المثير ، و ما إن يرونها يتحولون الى حجر صلد ليس لديهم مشاعر أو شئ آخر قد يشعرها بالدفيء .
وفى المقابل ظلت ميدوزا تستدرج المزيد و المزيد من الرجال فتحولهم إلى جماد ، طالما لا تستطيع أن تلوذ بهم ، فليس من حق أى أنثى أخرى أن تستنفع بهم ...!
هم الملك بيرسيوس وأخذ على عاتقه قطع رأس الميدوزا ، فاخذ يعد العدة و يأخذ معه كل الوسائل المتاحة التى تحميه من خطر تحوله إلى الحجر، فذهب إلى معبودات البحر اللاتي أرسلوه إلى حوريات البحر اللاتي أعطينه ، حذاء مجنح ليتمكن من الطيران ، و الحقيبة التي سيضع بها الرأس حتى لا يتعرض أحد لآذاها وخوذة الظلام لتجعله غير مرئي ، و درع ليتمكن من رؤيتها دون أن تراه .
و بالفعل تمكن بيرسيوس من قتلها دون أن يصاب بأذى .
ظلت الأسطورة موجودة وكامنة في كتب التاريخ إلى أن قام الايطالي الشهير فيرساتشي الذي كان محب للفن وللتاريخ القديم ، ثم لمع أسمه في سماء تصميم الأزياء ، فأخذ من رأس الميدوسا شعارا لفنه وللإمبراطورية الموضة خاصته ، التي جعلت ايطاليا تدخل إلى سوق الموضة العالمية و تنافس حتى بعد وفاته ، و كأن لرأس الميدوزا أثر في شهرة كل من يستخدم رأسها.
كل ذلك في بلاد المغرب ، الذين يستخدمون تراثهم وتاريخهم الذي قد لايتفق مع فكرهم الحالي بكل عزة و فخر ، فيحييون تراثهم و يتخذون منه قاعدة عالية يقفون عليها ليكفوا عن وجودهم.
أما فى بلاد المشرق العربي ، فليس لنا ناقة و لا جمل فى التراث أو التاريخ ، وكل ما قد يعرفه القليلون عن أسطورة مثل أسطورة الميدوزا سوى اقتناء أحدث تصاميم الفيرساتشى ، وندفع فيها كل السعر مهما كان مبالغا في ثمنه ولا يتناسب مع مستوى معيشة الغالبية العظمى من العرب الذين يصل مستوى الفقر في بعض البلاد إلى ما يزيد عن 50 % من السكان يقعون تحت خطه ، ويتساقط منهم الكثير ليقع تحت خط الفقر المدقع.!
كم هي نسبة العرب الذين يعرفون عن أساطير الحضارات القديمة مثل الفرعونية ، الأشورية ، السومرية ... الخ ، التي نبعت في بلاد تسمى الآن دول الوطن العربي؟
قد تثار حفيظة البعض كلمة أساطير بسبب أفكار مشوشة عن كونها كفر وإلحاد ، وكأنهم إذا عرفوا تاريخهم وتراث أوطانهم سيخرجون عن الملة ... لذا نصغ السؤال بشكل أخر ، كم نسبة العرب الذين يعرفون تراثهم الحقيقي؟
قد يجيب البعض أن هناك العديد من الكليات والأقسام العلمية المخصصة لدراسة التاريخ والتراث في الوطن العربي .!
إجابة نموذجية من مواطن عربي
لكن كم عدد الأجانب المشتغلين بالتاريخ أو بالتراث العربي ؟
كم هي نسبتهم بالمقارنة مع نسبة العرب المشتغلين بالتاريخ والتراث؟
لكن السؤال الأكثر أهمية هو ، ما النتاج الحقيقي لكلا من الجانبين ؟
وللإجابة باقتضاب ، إنك لعمل اى روق بحثي يعتد به في مجال البحث العلمي في أى جانب من التاريخ أو التراث إذا استعنت بمراجع عربية ينقص هذا من تقدير البحث العلمي ، ليس ذلك وحسب ، بل العرب أنفسهم سيقوموا بتقييم البحث بناءا على عدد المراجع الأجنبية ، أى كلما زاد عدد المصادر الأجنبية كلما إرتفع قيمة البحث بالنسبة لهم .
ليس الغرض من كل هذا ، التحيز ، لكن الغرض الحقيقي هو متى سنغير نظرتنا إلى أنفسنا ، أوطاننا تراثنا ؟
العرابة بتقولك
من فات قديمة تاه ، و الى ينسى تاريخه يتسرق
ولو التاريخ أتنسى يبقى حجارة

إرسل لصديق

ads

تصويت

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر