جريدة تحيا مصر

اخر الأخبار
ads

تحقيقات

أحدث فنون التسول في مصر

الأحد 09/أكتوبر/2016 - 04:21 م
تحيا مصر
طباعة
ياسمين شرف
"النقاب.. وحمل الطفل الصغير"أشهر وسائل التسول
"الواتس اب " أحدث وسائل التسول في مصر
" مترو الأنفاق".. أمن وسيلة للمتسولين
علم الاجتماع: إن لم يتم التعامل مع المتسولين.. سيتحولون إلى مجرمين
علم النفس: ليس كل متسول محتاج
الشيخ الأطرش: يجب عدم التعامل مع الأطفال المتسولين
مساعد وزير الداخلية الأسبق: انتشار التسول لانشغال الأمن في الجرائم الجنائية

أصبح سلوك التسول أسلوب حياة، فلا يخلو حاليا أي مجتمع من المجتمعات من المتسولين، سوار كان مجتمع غني او فقير، فالتسول سلوك بشري خطير منذ اقدم العصور، ولكنه انتشر بشكل خطير وخاصة في مصر في السنوات الأخيرة.

فوفقاً لدراسات حديثة صادرة عن المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، فإن شوارع القاهرة تحتل المركز الأول في أعداد المتسولين بـ 4333 متسولاً تليها محافظة الإسكندرية باحتوائها علي 1572 متسولاً، كما أكدت الدراسة أن 3٫41٪ من المتسولين يتم إجبارهم علي ممارسة التسول بغير إرادتهم، كذلك فإن 75٪ من المتسولين يحملون صفة متسولي المواسم مثل رمضان والأعياد، وهم المتسولون الذين ينزلون إلي العمل في المواسم والأعياد والمناسبات الرسمية اعتقاداً منهم أن هناك زيادة في الرزق في تلك الأوقات من العام، والدراسة قدرت عدد المتسولين في مصر بحوالي 11059 متسولاً احتل الأطفال العدد الأكبر بمجموع 7357 متسولاً يليهم نسبة المسنين والتي تقل عنهم بنسبة طفيفة للغاية، وهؤلاء الأطفال يتم تأجيرهم من أسرهم وأحيانا خطفهم، حيث يحصدون يوميا أكثر من 600 ألف جنيه من جيوب المواطنين.

وأصبح المتسولون يتفننون في الوسائل المختلفة للنصب على المصريين، كما استطاعوا استخدام الوسائل التكنولوجية مثل " الواتس اب " في الشحاتة، ولكن كلما تطورت وسائل الشحاتة وأصبحت أكثر تقدما، إلا أن يبقى فنون التسول القديمة الاكثر انتشارا التي من أبرزها، ارتداء النقاب وحمل طفل صغير، ارتداء الملابس المتقطعة، استخدام زي عامل النظافة، استخدام الأطفال كوسيلة للضغط، ادعاء المرض وخاصة فقدان البصر.

"وسائل التسول"
وهنا يتكرر مشهد أمامنا كثيرا يوميا وهو أن ترى رجلا كبيرا او سيدة يبدو عليها ملامح العز وتمد يدها مستعطفة المارين قائلة:" مش معاك عشرة جنيه اروح بيها"، وهنا يبدأ المارين في التفحص في ملامحها وسرعان ماينخدعوا في مظهرها ويعتقدون ان اموالها قد سرقت.

ولم يكتف المتسولون بالانتشار في الشوارع الشعبية والمزدحمة فقط، بل وصلوا أيضا إلى المدن والمناطق الراقية، حيث يقف دائما رجلا بأحد شوارع مصر الجديدة يمسك بيده " مقشة وجردل" ويستمر طوال اليوم في القاء القمامة في الأرض ثم العودة إلى تجميعها مرة أخرى، ناظرا للمارين نظرة شفقة، ويظل يبحث في القمامة باحثا على "لقمة عيش".

فقال عم أحمد الجندي -53سنة- عامل نظافة بشارع المرغني أن مرتبه منذ عدة سنوات لم يكن يكفي سد احتياجاته الشخصية على مدار الشهر، وبالرغم من مرور عدة سنوات إلى أن المرتب لم يزد كثيرا، والان أصبح لديه أسرة مكونة من زوجة و4أطفال ومع الارتفاع المهول في الأسعار فكيف يستطيع ان يكفي احتياجات أسرته؟!

وأوضح عم أحمد، أنه لايستطيع أن يتجرأ ويمد يده إلى أحد طالبه أموال، فخجله يمنعه من فعل هذا، ولكنه يكتفي بأن ينظر للمارين نظرة شفقة واحتياج حتى يعطون له بعض الأموال حتى يستطيع سد احتياجات اسرته حتى أخر الشهر.
"تعددت الوسائل..والمكان واحد".

وأصبح مترو الأنفاق ملجأ للعديد من المتسولين، يصعدون إليه بالتناوب فينا بينهم، فلايوجد يوم تقصد فيه مترو الأنفاق إلا وتجد عدد من المتسولين، فبالرغم من انتشار الحملات الأمنية المكثفة بعربات المترو إلا ويبقى الوضع كما هو عليه، وبمجرد أن يرى المتسول ضابط الشرطة يسرع مختبأ وسط الناس.

وهنا تتعدد وسائل التسول بالمترو، مابين امرأة ترتدي نقابا وتحمل طفلا صغيرا وتدعي انها لاتستطيع الانفاق عليه، وإمرأة تحمل طفلا صغيرا وتدعي انه مريض وتحتاج إلى الأموال لعلاجه، ورجال يدعون المرض مابين فقدان البصر أو الشلل أوالرعشة بالأطراف.
فيوجد سيدات يصعدن المترو يبكين وفي يديهن اوراق مدعين انها تحاليل طبية تثبت مرضهن بأحد الأمراض الخبيثة، وتطلب المساعدة المادية من الموجودين بالمترو.

فقالت حبيبة عزت -42سنة- أنها تضطر إلى المترو يوميا حتى تستعطف الناس لجمع الأموال لكي تنفق على اطفالها، فزوجها تركها منذ3سنوات بدون أي أموال ولاتعرف طريقه حتى الأن، ولا تعرف اي عمل يمكن ان تحصل من خلاله على أموال، إلا التسول بعربات مترو الأنفاق.

بالاضافة إلى بعض الأطفال الذين يتسولون بعربات المترو لحساب الكبار الذين يجمعون منهم الأموال يوميا، فبعض الأطفال يستعطف الناس بمرضه، والبعض يضطر إلى بيع المناديل لكي يحصل على أموال.

فأوضح أيمن مصطفى -10سنوات- أنه يعمل لدى المعلم محمد الذي يوزعه هو وزملائه على خطوط المترو يوميا ويطلب منه مبلغ مالي يوميا، وإن لم يجئ بهذا المبلغ يحرمه من الطعام والشراب، وولايتذكر أين أهله ولا كيف وصل به الحال إلى الشارع.
حيث ذكر أيمن أنه أحيانا يضطر إلى سرقة الناس بالمترو، حتى يستطيع ان يحصل على المبلغ المطلوب منه.

"تكنولوجيا التسول"
ولم يكتف المتسولون بالتسول في الشوارع فقط، بل لجأوا إلى الوسائل التكنولوجية ومواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت بمثابة كنز للمتسولين.

ومن أحدث وسائل التسول الحالية، الواتس أب، حيث يعتبر الواتس اب اسلوب جديد للتسول، فيتم من خلاله ارسال عبارات الاستعطاف وجذب الانتباه على جروبات الواتس اب، وتنتشر هذه العبارات بشكل فائق السرعة بين مستخدمي الواتس اب، وتضمن تلك الرسائل طلب للتبرع لإجراء عملية او لانقاذ طفل، وخلال الرسالة يكون مكتوب رقم حساب بإحدى البنوك لإرسال المتبرعين الأموال عليه، وتكرر تلك الرسالة في عدد كبير من الجروبات وبهذا يستطيع المتسول تجميع أكبر مبلغ مالي في وقت قصير.

فقال أحمد كمال – أحد مستخدمي الواتس اب – انه عندما وصلت له تلك الرسائل عن طريق جروبات كان مشترك فيها انذاك، أخذ يتتبع هذا الرقم حتى تأكد أن هذا الرقم له حساب لدى البنك الأهلي وبه مبلغ مالي كبير، وعندما شعر صاحب الرقم أن احد يتتبع حسابه، فوجئ باغلاق هذا الحساب بعد وصله غليه بـ3أيام.

" رأي علم الاجتماع"
قالت الدكتورة ناهد العدوي استاذة علم الاجتماع بكلية الاداب جامعة القاهرة، أن انتشار المتسولين في مصر في السنوات الأخيرة، بسبب الفرق الطبقي الواضح بين فئات الشعب المصري، فأصبح المواطنون حاليا يتصارعون من أجل المال، فهذا أدى إلى ظهور طبقة تصارع الشعب بأكمله وتستخدم كافة الطرق لتستعطفهم لنيل الأموال منهم.

وأوضحت الدكتورة ناهد، أن انتشار الأطفال المتسولين في الشوارع لم يكن فقط الأطفال المخطوفين او العاملين لدى أيد تحركهم نحو التسول، بل يوجد الان أهالي يسرحون أطفالهم في الشارع لكي يصرفون على أنفسهم وليساعدوا في الإنفاق على البيت.

وأكدت استاذة علم الاجتماع، أن ظاهرة التسول إن لم يتم مواجهتها بالسلوك الحسن، ومن قبل الأمن عن طريق جمع الأطفال في مكان صحي صالح، سيتحول هؤلاء المتسولون إلى مجرمون يصعب على المجتمع مواجهتهم.

فطالبت الدكتورة ناهد العدوي، الشرطة بسرعة ضبط الأيدي الخفية المحركة لهؤلاء المتسولين وخاصة الأطفال، والتعامل معهم بحزم حتى يتم السيطرة على هؤلاء المخربين.

" رأي علم النفس"
وأوضح الأستاذ عمر حامد، استاذ علم النفس، انتشار ظاهرة التسول في مصر لها بعد نفسي خطير، حيث أن سبب الانتشار هو شعور المتسولين بأنهم أقل فئة من بين فئات المجتمع، وأنهم مهضومين الحقوق، فلذلك يضطرون إلى مواجهة هذا الإحساس بالتسول.

وذكر قائلا:" أن أكبر مثال أن ليس كل متسول محتاج، هو أنه ظاهرة التسول موجودة في المجتمعات الغنية، فالولايات المتحدة الأمريكية بها متسولين، بالرغم من انتعاش مستواهم الاقتصادي".
وأكد أستاذ علم النفس، أن التسول صراع نفسي أكثر ماهو صراع مجتمعي، حيث يظهر العديد من النساء المتسولات وهن يرتدن النقاب، وهذا لاخفاء ملامحهن عن المجتمع البشري.

وقدم الأستاذ عمر حامد، روشتة لمواجهة المتسولين في الشارع المصري، وهي أن يتم معالجتهم نفسيا أولا، لمعرفة الدوافع التي القت بهم في ساحة التسول، ولا مانع من عرض عليهم فرص للعمل، حتى يشعرون انهم جزء مشارك وفعال في المجتمع.

أما بالنسبة للأطفال، فنصح استاذ علم النفس بضرورة تجميع الأطفال المتسولين ووضعهم في مكان صالح حتى يتم تربيتهم تربية صحيحة ويتم تقويمهم من جديد، حتى يكونوا ضلع نافع في المجتمع، وليس بذرة للجريمة في مصر.

" رأي لدين "
قال الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الأسبق عن رأي الشرع في ظاهرة التسول التي تطورت خلال السنوات الأخيرة، أنها ظاهرة خطيرة بالفعل، انتشرت في جميع الشوارع انتشارا سريعا، وهذا أدى إلى تضارب حكم الناس وعدم التفريق بين المتسولين وذوى الاحتياج بالفعل.

وأشار الشيخ الأطرش إلى قول الله تعالى " وأما السائل فلاتنهر "، موضحا ضرورة العطف على كل من يحتاج المساعدة وإن كان متسولا، فالنية محلها القلب، وكل مساعدة لها ثوابها وجزائها عن الله – عزوجل -.

وأوضح قائلا: " لكن على المسلم توخي الحذر جيدا في التعامل مع من يمد يده، فأما أن يعطيه شيئا يسيرا أو ردا جميلا".

ونصح بعدم التعامل مع الأطفال، وألا نعطي الصغار الذين يستغلونهم صحاب النفوس الضعيفة في التسول بهم، لأن الطفل إذا تعود على ذلك فإنه لن يبحث عن عمل جدي يكسب من خلاله بالحلال لينفق على نفسه، وليس بمد اليد واستعطاف الناس.

وذكر الشيخ عبد الحميد أن الأقربين أولى بالمعروف، فتصدق على المحتاجين من أهلك أولى من التصدق على الغرباء.
"الأمن خارج نطاق الخدمة".

وأكد اللواء محمد نور مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن ظاهرة التسول في تلك الفترة انتشرت بشكل لافت وذلك نظرا لانشغال جهاز الشرطة بمكافحة الإرهاب والاهتمام بالأمن السياسي على حساب الأمن الجنائي.

وأشار اللواء محمد نور، إلى وجود حملات مكثفة وقوية بمعظم محطات مترو الأنفاق، لمواجهة هؤلاء المتسولين، لأن أحيانا يتلقى جهاز الشرطة بلاغات سرقة من خلال عربات المترو، ويتضح بعد ذاك أن مرتكبيها المتسولين المارين بعربات المترو.
وأما بالنسبة للتسول عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فأوضح اللواء نور أن الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق مشغولة بتتبع المواقع الخاصة بالجماعات الإرهابية أو المواقع التي تضر بشئون أمن الدولة.

وانتقد قانوني التسول الصادرين عامى 1933 ورقم 31 لسنة 1974 واللذين لم يتطورا منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، كما أنهما ليسا رادعين، فالقصور القانوني هو المشجع الأساسي للمتسولين على المضي فى طريق التسول ولهذا يجب إعادة النظر فى صياغة هذه القوانين.

وقدم مساعد وزير الداخلية الأسبق روشتة للتصدي لأزمة التسول بكل أشكاله، وهو أن يتعامل الشعب المصري بايجابية مع مثل هذه السلوكيات ومع ارتفاع الوعي يستطيع الشخص التمييز بين المحتاج الحقيقي والمتسول الخادع للناس.
وتمنى اللواء محمد نور أن يعم الهدوء للشارع المصري، حتى تكثف الشرطة جهودها اكثر في مواجهة الحوادث الجنائية لحماية المواطنين.



إرسل لصديق

أخبار تهمك

ads

تصويت

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

ما هي توقعاتك لقرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة

الأكثر قراءة

المزيد

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر