الخطوات الروسية والتركية السريعة والمتبادلة من أجل إعادة تطبيع العلاقات، بين موسكووأنقرة، من شأنها أن تحمل معها تغيرات كبيرة على صعيد العديد من المعادلات الإقليمية التي تحكم أكثر من ملف من الملفات ذات الاهتمام المشترك بين الجانبين، لاسيماالأزمة السورية، وخارطة التحالفات في المنطقة، مرورا بتعقيدات العلاقات الروسية والتركية مع الاتحاد الأوروبي من زاويتين مختلفتين، وصولا إلى العلاقات التركية الأميركية.


. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بهدف تحسين العلاقات وطي صفحة الأزمة التي اندلعت بين البلدين بعد إسقاط تركيا قاذفة حربية روسية قرب الحدود السورية في نوفمبر 2011. فإردوغان بمبادرته لزيارة بوتين، كان يدرك قطعًا حجم الأذى الذي يمكن أن يحدث جراء التوتر في العلاقات مع قيصر الكرملين، كما أنه ربما كان يضع إلى جانب الفوائد الاقتصادية من تحسين العلاقات، فائدة سياسية لتوجيه رسالة إلى أميركا والاتحاد الأوروبي في وقت تشهد فيه علاقاته مع الطرفين شيئا من الفتور والتوتر.

بالإضافة إلى أرضية من المصالح المشتركة في المنطقة، فروسيا باتت مقتنعة بأنه لا يمكن حل المشكلة السورية دون تركيا، كما أن التنسيق الروسي التركي ضروري جدا لمنع عودة آلاف المقاتلين من داعش إلى روسيا ودول المجاورة لها.

ومن جانبها، باتت أنقرة موقنة بأنه لا يمكن الوصول إلى حل دون مشاركة موسكو، وأنه يمكن الوصول إلى تفاهمات وتقاطعات مع موسكو تضغط على طهران، وكذلك على واشنطن، وتحقيق ذلك ممكن من خلال المزج بين استخدام القوة العسكرية الروسية والتركية في شكل منضبط وتوسيع استخدام القوة الناعمة.


وبهذا الشأن وجهنا عدة اسئلة للدكتور عمرو الديب الباحث والمتخصص فى العلوم السياسية فى جامعة نيجنى نوفجورود الحكومية الروسية.
ما تعليقك حول زيارة الرئيس التركى رجب طيب اردوغان بعد الانقلاب الفاشل فى بلاده لروسيا كمحطته الاولى, وهل هى ردا على جميل الرئيس فلاديمير بوتين بسبب تحذيره من الانقلاب قبل ساعات من بدايته؟
ان زيارة الرئيس اردوغان الى روسيا خصوصا بعد محاولة انقلابية فاشلة تأتى تأكيدا على ان روسيا ستظل الملاذ الآمن لتركيا خصوصا مع قرب المسافة البحرية للدولتين ، و ابتعاد تركيا عن الانضمام للإتحاد الأوروبي و فرضية تورط الولايات المتحدة فى المحاولة الانقلابية.



هل سيكون هناك تعاون عسكرى بين تركيا وروسيا بعد اعادة دعوة انقرة لموسكو قبل الخلاف بينهم , للاشتراك فى عمليات عسكرية ضد داعش؟
طبعا مع وجود رغبة روسية قديمة فى انشاء حلف اوراسي مناوئ للحلف الشمالي الأطلسي , و هناك رغبة تركية قوية فى طلب مساعدة روسيا فى عدم إقامة اى دولة كردية فى الشمال السورى او الشمال العراقي و تتفهم تركيا القدرة الروسية على منع إقامة هذه الدولة. اما مسألة إقامة نظام تجارة متبادل يهدف لاستخدام العملة التركية والروسية بيلت عن الدولار ، فأنا ارى عدم جدوى مثل هذه الخطوة لأن مادام الدولار مسيطرا على نظام التبادل التجارى الدولى .


بعد التعاون الروسى التركى هل سؤثر على العلاقات بين روسيا ومصر؟ ومتى من رايك سيتم استئناف الرحلات الجوية الروسية الى مصر؟
و فرضية عودة حركة الطيران بين مصر وروسيا يظل متوقفا دائما على مدى تطور التعاون الأمنى الروسي- المصرى . فأنا ارى لو تم الاتفاق على إقامة صالات خاصة بروسيا فى مطارات الغردقة، القاهرة و شرم الشيخ يتم تأمينها بواسطة قوات الأمن المصرية والروسية سيعجل حتما بعودة حركة الطيران الروسية الى مصر لأننا بحاجة كبيرة لكل دولار يدخل الى خزينة الدولة المصرية. و ان هذه الصالات ليست أمرا مبتكرا حيث يوجد للولايات المتحدة صالات خاصة بها تؤمن بواسطة قوات الأمن الامريكية فى كل من مطاري جدة و ابو ظبى .

هل قرار روسيا توسيع قاعدتها الحربية فى سوريا يدل على اصرار موسكو مساندة الاسد رغم الضغط الامريكى والسعودى عليها؟ وماذا سيكون موقف الدول الرافضة لاستمرار الاسد فى الحكم ومساندة روسيا له وعلى رأسهم امريكا والسعودية؟
قرار روسيا بتوسيع قاعدتها الجوية فى سوريا يأتي متماشيا مع الموقف الروسى الثابت تجاه شكل الدولة السورية السابق لأحداث ٢٠١١ ، و تماشيا مع رغبتها فى زيادة تأثيرها من الناحية العسكرية على مسرح الشرق الأوسط .
فسوريا بالنسبة لروسيا خط أحمر لأنها الدولة الوحيدة المستضيفة لقاعدة عسكرية بحرية روسية على حوض البحر الأبيض المتوسط منذ فترة بعيدة ، و الأن تستضيف القاعدة الجوية الوحيدة الروسية فى منطقة الشرق الأوسط والتى من خلالها تتحكم روسيا فى معظم سماء المنطقة . لذلك تقف روسيا بجانب النظام السورى الشرعي فى مواجهة الجماعات الإرهابية المختلفة .

و بمناسبة الجماعات الإرهابية فى سوريا ، روسيا تتفهم جيدا انها ان لم تحارب هذه الجماعات على الاراضي السورية سيأتى حتما وقت سنحاربهم على أراضيها ، لذلك تقوم روسيا بحرب استباقية تجاه الجماعات الإرهابية المسلحة.

و روسيا لا تأخذ فى حسبانها اى اعتراضات سواء كانت اعتراضات سعودية ام أميريكية لأن المهم هى مصلحتها العليا.